الاثنين، 31 أكتوبر 2011

أضواء على المعوقات التي تواجه بناء نظام جنائي دولي

الندوة العلمية حول التعاون القضائي الدولي في المواد الجنائية
معهد الكويت للدراسات القضائية و القانونية
من 27-29 مايو 2006

أضواء على المعوقات التي تواجه بناء نظام جنائي دولي .


د./ بلال عقل الصنديد
الأمانة العامة لمجلس الوزراء /دولة الكويت

العولمة الاقتصادية والتكنولوجية وما أنتجته من حرية حركة السلع ورؤوس الأموال وسهولة الاتصال وتبادل المعلومات أدت إلى تفتيت الحدود بين الدول بمعناها الاقتصادي، وأجبرت الدولة الوطنية على الخضوع والتكيف مع السياسات المالية و الاقتصادية التي تمليها المؤسسات الاقتصادية و المالية الدولية والبنوك والشركات العالمية.
العولمة :
• سهلت ترابط الدول وتكاملها اقتصادياً،
• دفعت رجال الأعمال والشركات إلى الاستفادة من حرية التنقل
• سمحت للشركات بالتخلص من القوانين المحلية، والبحث عن دول ذات قوانين ضريبية وجنائية أقل صرامة مع سياساتها القائمة على :
- المردودية الاقتصادية والقدرة التنافسية لإنتاجها...
- طرد جزء من عمالها والبحث عن أيد عاملة رخيصة
- البحث عن مناخات قانونية تسمح لها بالعمل بحرية أكبر وبتحمل التزامات أقل.


• بالمقابل، هناك عدة دول تسعى للاستفادة من هذه العولمة ذات الطابع الاقتصادي لجذب رؤوس الأموال بغية تحقيق انتعاش اقتصادي ما. ولتحقيق هذا الهدف، تتبنى هذه الدول قوانين تتناسب مع ما تبحث عنه هذه الشركات كتخفيض الضرائب / وتخفيض الرقابة على الشركات ونشاطاتها/ وعدم إعطاء أهمية كبيرة لتطبيق الاتفاقيات الدولية في مجالات عدة مثل غسل الأموال وتشغيل الأطفال والسرية المصرفية والتهرب الضريبي.

فإضافة إلى توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء/ وتهميش دور عدة اقتصادات غير قادرة على المنافسة،
أدت العولمة الاقتصادية والتكنولوجية إلى التوسيع من نطاق العمل الإجرامي على المستوى الدولي
1- كتجارة المخدرات
2- ونشر الصناعات المقلدة
3- وغسل الأموال
4- وتهريب الآثار،
فكلما زادت العولمة الاقتصادية والتكنولوجية تطوراً زادت مواجهة الأنشطة الإجرامية تعقيداً. ذلك لأن المجتمع الدولي مازال مبنياً على وجود دول ذات سيادة تتبنى مفاهيم وقواعد قانونية مختلفة.







رغم كون التعاون والتنسيق بين أعضاء المجتمع الدولي بشأن مكافحة الجريمة يتقدم بشكل مشجع، فإنه لم يصل بعد إلى درجة تسمح بإيجاد نظام جنائي فعال مواز لتسارع التقدم التكنولوجي وحرية التبادل الاقتصادي المستقل من قبل التنظيمات الإجرامية.ذلك لأن إيجاد آليات فعالة ترقى إلى مستوى التحدي الذي تفرضه الجريمة المتجاوزة لحدود الدولة تقف دونه عدة صعوبات.

هذه الصعوبات يمكن اختصارها على النحو التالي:


أولاً- مبدأ إقليمية القانون الجنائي


ثانياً- قلق الدول من القانون الجنائي الدولي


ثالثاً- عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها على تنفيذ الاتفاقية


رابعاً- غموض المفاهيم القانونية أو اختلافها





أولاً- مبدأ إقليمية القانون الجنائي

المبدأ في القانون الجنائي، أن الدولة وحدها هي التي تملك تحديد تشريعاتها والقيام بتنفيذها على جميع الجرائم التي تقع داخل حدودها السياسية وفقاً لظروفها الاجتماعية ومصالحها الاقتصادية. ولا يجوز لغيرها من الدول أن تشاركها هذه السلطات.
فالقانون الجنائي، أهم مظاهر سيادة الدولة، مازال قائماً على أساس مبدأ الإقليمية الذي، وإن لحقه تطور هام (امتداد القانون الوطني ليشمل جرائم ارتكبت بالكامل خارج إقليم الدولة وفقاً لمبدأ العينية تارة ووفقاً لمبدأ الشخصية تارة أخرى) ، فإنه لم يتطور بنفس درجة تطور الجرائم، خاصة المالية منها.

الواقع أن هذا المبدأ عرقل فعلياً نجاح المكافحة الدولية للجريمة

ذلك لأنه إذا كان القانون الجنائي قائماً على أساس مكافحة الجريمة داخل الإقليم فإن كثيراً من الجرائم و منها :
- الجرائم المالية التي تستعمل وسائل متشعبة في دول عدة.
- الجريمة المتجاوزة لحدود الدولة، والتي محلها مواد مدمرة للحياة كالمخدرات / والأسلحة الذرية والكيماوية / والمنتوجات الدولية المغشوشة / والنفايات الصناعية السامة
تنمو بشكل متسارع في محيط من حرية التجارة والاستثمار مستفيدة من التطور التكنولوجي.

فالمعادلة أصبحت كالتالي: نشاط اقتصادي وحركة مالية لا تقف عند حدود الدولة مقابل تشريع جنائي يقف عند حدود تقاسم السيادة ما سهل ازدهار الجريمة المنظمة المتطورة بتطور الشبكات المالية المتجاوزة لحدود الدولة.
المثال الذي يوضح هذا التباين إلى حد كبير هو مثال غسل الأموال
مثال : ان ازدهار تعكسه الإحصاءات الإقليمية والدولية، حيث إن وجود اتفاقيات عدة لمكافحة غسل الأموال دولياً لم يؤدِ إلى إيجاد سياسة جنائية فعالة. فتجار ومهربو المخدرات يقومون سنوياً بغسل ما يقارب من 200 مليار دولار سنوياً. جزء كبير من هذه الأموال متنقل بين الدول والمراكز المالية التي تتبنى نظاماً واسعاً للسرية المصرفية. في المقابل، فإن الأموال المصادرة لم تتجاوز – في أفضل السنوات – 500 مليون دولار.

المعركة اذاً بين وسائل مكافحة الفعل الإجرامي المتجاوز لحدود الدولة ووسائل ارتكابه غير متكافئة، نظراً لوجود اختلال في التوازن لمصلحة النشاط الإجرامي (10). هذا الاختلال في التوازن هو السبب الرئيسي لانعدام فعالية السياسة الجنائية الوطنية.

لذلك، فإنه إذا أرادت الجماعة الدولية وضع نظام فعال لمواجهة الأنشطة الإجرامية المتجاوزة حدود الدولة، فإن عليها القيام بتكييف القاعدة الجنائية مع عولمة الاقتصاد وخصوصيات الجرائم المتجاوزة لحدود الدولة، الأمر الذي يتطلب مواجهة مسألة التعسف الحالي من قبل بعض الدول بشأن مبدأ السيادة الوطنية،







ثانياً- قصور بعض اتفاقيات التعاون القانوني و القضائي في المسائل الجنائية :

تحاول معظم الدول إيجاد آليات للتعاون فيما بينها. فإدراكاً منها لعدم قدرتها على مواجهة الإجرام الدولي بشكل منفرد، تبنت هذه الدول اتفاقيات عدة اعتبرت من خلال بعضها مكافحة الجريمة الدولية مصلحة أولى بالرعاية من مصلحة المحافظة على مبدأ السيادة.
هذه الاتفاقيات يمكن عرض أمثلة لها على النحو التالي:

- اتفاقيات ثنائية
- اتفاقيات على المستوى الإقليمي
- اتفاقيات على المستوى الدولي

الاتفاقيات الثنائية :
إضافة إلى الاتفاقيات الثنائية الخاصة بتسليم المتهمين أو المحكوم عليهم، هناك اتفاقيات تسمح للدولة العضو في الاتفاقية بتطبيق قوانينها على أراضي الدولة الأخرى، ومن هذه الاتفاقيات:
1. الاتفاقية المبرمة بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 13/12/1983م التي تسمح بتفتيش السلطات الأمريكية للسفن الخاصة الحاملة للجنسية البريطانية .
2. الاتفاقية المبرمة بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية سنة 1970، بشأن المخدرات

3. الاتفاقية الثنائية المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبوليفيا سنة 1990م التي تربط تطور التعاون بين الدولتين بالتسهيلات التي تقدمها بوليفيا في مجال مكافحة المخدرات على أراضيها.

اتفاقيات على المستوى الإقليمي:

التناقض بين مبدأ إقليمية القانون وضرورة إيجاد سياسة جنائية فعالة لمكافحة الجريمة المتجاوزة حدود الدولة، بالإضافة إلى أنه أدى إلى ظهور تعاون إقليمي يشمل عدة دول تنتمي جغرافياً إلى نفس المنطقة كالتعاون العربي والتعاون الأوروبي

في أوروبا مثلاً، يعتبر المجلس الأوروبي من أهم التنظيمات الإقليمية إنتاجاً للقواعد الجنائية المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة تبنى عدة اتفاقيات تتعلق بمكافحة التنظيمات الإجرامية. منها على سبيل المثال :

1. اتفاقية التعاون القضائي في المجال الجنائي لسنة 1959،
2. اتفاقية ستراسبورغ الخاصة بغسل الأموال لسنة 1990،
3. اتفاقية مكافحة الإرهاب.
4. من ناحية أخرى، أنشأ المجلس الأوروبي (اللجنة الأوروبية الخاصة بالقضايا الجنائية "Comite, Europeen Pour Les Problemes Criminels (C.D.P.C)).
5. ولجنة أخرى خاصة بتقدير التدابير المتخذة أو التي يجب اتخاذها في مجال مكافحة غسل الأموال. (Blanchiment de L,argent).
6. كما أنشأ المجلس الأوروبي، أيضاً، البوليس الأوروبي "Europol" بتاريخ 26/7/1995




اتفاقيات على المستوى الدولي:

تبنت الجماعة الدولية عدة اتفاقيات، وأوجدت آليات متنوعة تهدف إلى حماية النظام الاجتماعي والمصالح الاقتصادية لكل الجماعات الإنسانية والمحافظة على كرامة الإنسان والسلم والأمن العالميين. فعلى سبيل المثال:

1. الاستعباد والاتجار بالرقيق محرم على المستوى الدولي بمقتضى عدة نصوص منها: المادة 4 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان 1948/ والمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م، واتفاقية تجريم الاتجار بالرقيق لسنة 1956م.

2. التمييز العنصري يشكل محلاً لاتفاقيات دولية مثل اتفاقية مكافحة التمييز العنصري بكافة أشكاله لسنة 1956. هذا الفعل تم تكييفه على أساس أنه جريمة ضد الإنسانية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966م ومن قبل مجلس الأمن سنة 1984م.


3. في مواجهة التعذيب والعقوبات الوحشية تبنى المجتمع الدولي قواعد عدة منها: المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966م، واتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملات الوحشية واللاإنسانية والمهينة. لسنة 1984م والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 1987. فوفقاً لهذه النصوص، يشكل التعذيب جريمة دولية يمكن أن تكون محلاً للاختصاص العالمي لكل دولة عضو.

4. من أجل حماية المدنيين واستقرار التبادل بين الدول، تبنى المجتمع الدولي اتفاقية لاهاي سنة 1970م واتفاقية مونتريال 1971م المتعلقتين بمكافحة خطف و تخريب الطائرات
5. في مجال الجريمة المنظمة، تمت معالجة هذه المسألة في إطار الأمم المتحدة أول مرة في مؤتمر ميلانو سنة 1975م الذي أتبع بخطة لمواجهة الجريمة المنظمة بشكل عام سنة 1985م. هذه الخطة الأخيرة تلتها عدة توصيات أفضت إلى تبني برنامج خاص بالوقاية من الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية في نابولي سنة 1994م وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 59/49 المؤرخ في 23/12/1994م.
6. هذا بالإضافة إلى إنشاء الشعبة الخاصة بالجريمة المنظمة داخل الإنتربول سنة 1998م. (23)
7. يضاف الى ذلك عشرات الاتفاقيات و النصوص المتعلقة بـ:
- حماية الطفولة،
- حماية النقد، و السرية المصرفية
- إرساء الأمن والطمأنينة في أعالي البحار
- تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية
- حماية البيئة،
- النفايات الخطيرة
- الخ
رغم ما يبدو لنا أن الجماعة الدولية – ثنائياً و إقليميا و دولياً- في طريقها إلى بناء نظام جنائي فعال مواكب للعولمة ذات الطابع الاقتصادي والثقافي، إلا أن هناك في المقابل، عقبات عدة تحد من اتساع وفعالية هذا التوجه.

في بعض الأحيان
الاتفاقيات الدولية المبرمة بين الدول لمكافحة النشاط الإجرامي
لا تستجيب
لمتطلبات جوهرية لازمة لمكافحة جنائية فعالة
1. فهناك اتفاقيات عدة لا تشتمل على شرط تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم إما بسبب قدم هذه الاتفاقيات وإما بسبب امتناع الدول الأعضاء عن إدراج هذا الشرط.
2. كما أن الاتفاقيات التي تنص على شرط التسليم تقصر – انطلاقاً من مبدأ السيادة – هذا الشرط على الأجانب وترفض القبول بتسليم مواطنيها للمحاكمة في دولة عضو معها في نفس الاتفاقية.
مثال من الواقع : هذه المسألة دفعت بعض الدول إلى اللجوء إلى وسائل غير مشروعة لملاحقة مرتكبي الأنشطة الإجرامية، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً قامت سنة 1978 بخطف مكسيكي يدعى M. Alverez Machain مقيم في المكسيك بواسطة مكسيكيين يعملون لحساب إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية ونقله إلى ولاية تكساس لمحاكمته بتهمة قتل عميل يعمل لمصلحة إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية بالمكسيك. فرغم وجود اتفاقية لتسليم المتهمين والمحكوم عليهم بين الدولتين دخلت حيز النفاذ في 4/5/1978م فإن هذه الاتفاقية تستبعد تسليم الدولة لمواطنيها.
3. من ناحية أخرى كثيراً ما تتجاهل هذه الاتفاقيات تحديد آليات واضحة تلتزم باتباعها الدول الأعضاء عند تلقيها طلب التسليم من دولة عضو في الاتفاقية.




ثالثاً- المواقف السلبية للدول من الاتفاقيات المعقودة بشأن التعاون الدولي القانوني و القضائي في المسائل الجنائية:

السياسة الجنائية الدولية تقتصر حالياً، في كثير من المجالات، على التنسيق بين دول ذات أنظمة جنائية متعددة. هذا التنسيق يتمثل في تنسيق التدابير المتخذة أو التي يجب اتخاذها من قبل الدولة مع تطوير التعاون الأمني والقضائي على نحو يسمح باحتفاظ كل دولة بخصوصياتها.

و ذلك يتم عبر معاهدات ثنائية أو جماعية ذكرناها :

فتبني نظام جنائي دولي متكامل قد يتضمن فرض قواعد ومفاهيم قانونية على الدول الأعضاء. هذه القواعد والمفاهيم قد تكون مبنية على أسس وتحمل فلسفات لا تتفق مع حالة المجتمع الثقافية ووضعه الاجتماعي.
بمعنى آخر، تبني نظام جنائي دولي متكامل قد يؤدي إلى عولمة ثقافية معينة دون الأخذ في الاعتبار الاختلاف الثقافي الذي تتصف به الجماعات البشرية.

 لذلك نجد في المعاهدات والاتفاقيات الجنائية الثنائية و الدولية كثيراً من النصوص التي عادة ما تقضي بأن للدولة اتخاذ التدابير الضرورية لمكافحة النشاط الإجرامي عندما تكون هذه التدابير منسجمة مع المبادئ :
مثال ذلك :
1. ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من اتفاقية فيينا للاتجار غير المشروع بالمخدرات لسنة 1988م،
2. وما تنص عليه المواد 6، 9، 18 من اتفاقية بالرم الموقعة بتاريخ 12.12.1988م بشأن مكافحة غسل الأموال الناتجة عن الجريمة.

هذه النصوص سمحت بكثير من
- من التحفظات
- و محاولات المحافظة على المفاهيم الثقافية والمصالح الاقتصادية، والظروف الخاصة بكل دولة .
- السعي إلى أن تكون الأحكام متفقة مع أنظمتها الداخلية،
- و أن تكون التدابير منسجمة مع مبدأ السيادة وسلامة الإقليم ومع مبدأ عدم التدخل في المسائل الداخلية للدول، أو عدم المساس بمصالحها الأساسية أو بأمنها الداخلي.


الخلاصة
أن الدولة تستطيع أن تختفي خلف نظامها الداخلي وفلسفتها الجنائية ومصالحها الخاصة، لكي تبرر عدم وضع نصوص الاتفاقية موضع التنفيذ،

 من ناحية أخرى، هناك أصوات ترفض أي نظام جنائي دولي لأنه سيؤدي حتماً بنظرهم إلى تقليص كبير في حرية التجارة وحرية انسياب السلع .






 عدم رغبة بعض الدول بتنفيذ الاتفاقية لأنها قد تكون:
- متواطئة مع الفاعلين
- أو طرفاً في الجريمة كما هو الحال بالنسبة لتجارة السلاح الكيميائي أو النووي وتصدير النفايات الصناعية.
- أو لأنها وقعت لتحتفظ لنفسها بصورة مقبولة في المجتمع الدولي، دون أن تكون لديها الإرادة السياسية لتنفيذها.
المثال على ذلك، اتفاقيات مكافحة المخدرات ومواقف الدول المنتجة منها خاصة تلك التي تعتمد اقتصاداتها على إنتاج وتصدير المواد المخدرة.

 عدم قدرة بعض الدول بتنفيذ الاتفاقية لأنها قد تكون :

- لا تستطيع أن تتدخل جنائياً بشكل فعال، وإما أنها لا تستطيع تحمل عبء مكافحة النشاط الإجرامي مادياً و معنوياً
- لا تستطيع أن تتدخل جنائيا لأنها لا تملك المعلومات الكافية بشأن الواقعة لامتدادها في إقليم دولة أخرى.
- مخترقة من قبل التنظيمات الإجرامية
مثال روسيا إثر تفكك الاتحاد السوفييتي. حيث إن ضعف الدولة أعطى عدة تنظيمات إجرامية فرصة تقوية هيكلياتها ونشر نشاطها، فعن طريق غسل الأموال دخلت هذه التنظيمات كل المجالات التجارية (عقارات، إعلام، سياحة، مصارف) وأصبحت تسيطر على حوالي (35%) من السوق التجاري في بعض هذه الدول.
- أويوجود فيها مناطق خارج سيطرة الدولة (Zone grises)
(كولومبيا مثلاً) .


مما يسبب عدم فاعلية القانون الجزائي الدولي ايضاً
 غياب الجزاءات التي يمكن أن تتخذ ضد الدولة عند عدم اتخاذها ما يلزم لتنفيذ تعهداتها الدولية مثال : اتفاقية تحريم تجارة الرقيق لسنة 1956م، تنص في مادتها الخامسة على أن المجني عليه يستطيع إبلاغ السلطات العامة في الدولة، وهذا ما يربط فعالية الاتفاقية بالإرادة السياسية للدولة، خاصة في ظل من ناحية أخرى.

رابعاً- غموض المفاهيم القانونية أو اختلافها:
المثال الأبرز الذي يمكن الاستشهاد به على غموض بعض المفاهيم القانونية والذي يعد عاملاً مهماً يحول دون إيجاد سياسة جنائية دولية

- هو مفهوم الإرهاب : ففي واشنطن اتخذت مجموعة العمل المالي الدولي (GAFI). Groupe D,action Financiere Internationale بتاريخ 31/11/2001م قرارات بخصوص اعتبار تمويل النشاطات الإرهابية جريمة والتوصية بإدخالها في النظام الجنائي لكل دولة من الدول الأعضاء، وأوصت أيضاً بتجميد أموال الإرهابيين وضرورة الإعلان عن التعاملات المشتبه بارتباطها بالإرهاب مع اتخاذ التدابير اللازمة التي تحول دون تمويل الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين للإرهاب، (32) دون أن تضع تعريفاً محدداً للإرهاب. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ضد من يجب اتخاذ هذه التدابير وما هي الأفعال التي يمكن أن تكون محلاً لهذه التدابير؟

- مفهوم غسل الأموال : فمفهوم غسل الأموال الوارد باتفاقية فيينا لسنة 1988 بشأن الاتجار غير المشروع بالمخدرات يختلف عن مفهوم غسل الأموال الوارد باتفاقية المجلس الأوروبي لسنة 1990.
هذا الاختلاف أدى إلى غياب تعريف دقيق لغسل الأموال تلتزم به كافة الدول، وبالتالي إلى اختلاف مدى تجريم غسل الأموال في القوانين الداخلية.

- في المجال بتصدير النفايات الصناعية : فبينما تنص اتفاقية Bale لسنة 1989 على أن تصدير النفايات يعتبر غير مشروع في حالة عدم إعلان الدولة المصدر إليها النفايات أو عدم قبولها استقبال النفايات على إقليمها، أو إذا كان هذا القبول محصولا عليه بطريقة غير مشروعة، أو إذا كان التصدير غير مصحوب بالوثائق اللازمة، نجد أن اتفاقية باماكو الإفريقية لسنة 1991م تذهب إلى أبعد من ذلك بتجريمها تصدير النفايات الصناعية بصورة عامة وذلك لحماية الأراضي الأفريقية، مع اعتبارها الفعل جريمة إنسانية ضد شعوب أفريقيا.

- تعريف الفعل المجرم من قانون إلى آخر، قد يكون سبباً في فشل الجهود الدولية في إيجاد اتفاقية دولية لمكافحته. هذا ما واجهته في السابق محاولات إبرام اتفاقية دولية ضد الرشوة.







تقليص مبدأ الإقليمية
عبر مبدأ العالمية أو ما يسمى بالاختصاص العالمي
(Competence Internationale ou Exstraterritotiale).

فوفقاً لهذا المبدأ، يطبق النص الجنائي على جرائم ارتكبت من قبل أشخاص تم القبض عليهم في إقليم الدولة بغض النظر عن مكان ارتكابها وعن جنسية مرتكبيها
أي تطبيق القوانين الجنائية الوطنية على جرائم ارتكبت في الخارج من قبل أشخاص أجانب دون اشتراط مساس هذه الجرائم بالمصلحة الخاصة للدولة
فلسفة هذا المبدأ
تمكين السلطات القضائية للدولة من ملاحقة جرائم خطرة تمس الضمير العالمي

تبني هذا المبدأ سمح :
- برفع الحصانة التقليدية عند وجود أدلة على ارتكاب المتمتع بها جرائم ضد الإنسانية أو جرائم التعذيب. مثال ذلك ما حدث في حالة Pinochet عندما قررت غرفة اللوردات البريطانية بتاريخ 24/مارس/1999 رفض منح الحصانة للجنرال.
- بوضع حسين حبري رئيس جمهورية تشاد السابق تحت الإقامة الجبرية من قبل قاض سنغالي عقب شكوى قدمت من مواطنين تشاديين عن أعمال تعذيب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في الإقليم التشادي.
- غرفة الاتهام بمحكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في 6/1/1998، أكدت أيضاً،اختصاص المحاكم الفرنسية بشأن محاكمة مواطن رواندي متورط في المجازر التي ارتكبت في رواندا سنة 1994 على أساس الاتفاقية الدولية ضد التعذيب لسنة 1984م (16) التي تم إدماجها في التشريع الفرنسي بالمادة 200-9-98 من قانون الإجراءات الجنائية، وبالقانون رقم 522/95م الذي يتعلق بتكييف القانون الفرنسي مع قرار مجلس الأمن الخاص بإنشاء محكمة جنائية دولية لمجرمي الإبادة العرقية برواندا.
- وبناءً على هذا المبدأ أيضاً أمر قاض من Montpellier بحبس كابتن في الجيش الموريتاني مقيم في فرنسا احتياطياً لاتهامه بارتكاب أعمال تعذيب في موريتانيا (جريمة ارتكبت خارج الإقليم الفرنسي ضد أشخاص لا يحملون الجنسية الفرنسية).

هناك تعليق واحد:

  1. اعزك الله يا دكتـور بــــــلال
    وبارك في عمرك وعملك

    ردحذف