الإرهاب و العولمة "الجريمة والمكافحة" : مجلة معهد الدراسات القضائية في الكويت - العدد التاسع – صفحة 50/ سنة 2005.
العولمـة والإرهـاب
( الجريمة والمكافحة )
* مقدمـة :-
لم تكن الأحداث الإرهابية الأخيرة التى عصفت بالمجتمع الكويتي هي الأحداث الأولى من هذا النوع لكنها لا شك الأخطر . الأمر الذي استدعى قيام حملة وطنية كبيرة لمكافحة الإرهاب تبدأ من أعلى السلطات الحكومية والبرلمانية ولا تنتهي عند مسؤوليات كل فرد على حده .
فرغم توزع العمليات التى وصفت بالإرهابية على السنوات الماضية ، ابتداءً من الاعتداء الآثم على موكب سمو أمير البلاد إلى الاعتداءات على مراكز الصحف الكويتية ، خاصة صحيفة السياسة ، انتهاء بالأحداث التى روعت المجتمع الكويتي بداية العام الجاري2005 ، شكلت الأحداث الأخيرة نقطة تحول محوري أشعرت كل مواطن وكل مقيم بمداهمة الخطر الجدي لاستقرار هذا البلد الآمن .
كان نتيجة ذلك أن تضافرت الجهود وتوزعت المسؤوليات للقيام ، كل من موقعه ، بكل محاولة جدية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة والغريبة عن المجتمع الكويتي وعن عاداته وتقاليده ، ولعل دور مجلس الأمة والسلطة التشريعية بشكل عام هو من أهم الأدوار التى يجب أن تلعب بدقة وبتأني لإعطاء استراتيجية مكافحة الإرهاب زخماً جدياً وتفعيلاً حقيقياً .
لا يجوز أن يقتصر عمل السلطة التشريعية في هذه الاستراتيجية على تعديلات إنفعالية تأتي سريعة ومن غير الأخذ بالإعتبار كل ما يحيط بظاهرة الإرهاب إن من حيث تجفيف منابعها وأسبابها أو من حيث مكافحة أعمالها التنفيذية ولجهة التعامل مع آثارها لابد للمشرع خاصة المشرع الجزائي أن يأخذ بعين الاعتبار كثيراً من التداعيات الاجتماعية الدولية السياسية والقانونية المرتبطة بالإرهاب كجريمة صارت في معظم الأحيان جريمة دولية تطال في خطرها كل جهات الأرض .
من بين النقاط التى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في هذا الإطار ما تقتضيه متطلبات العولمة وما تفرضه على مجتمعات الكرة الأرضية من متغيرات سلبية تتخطى في بعض الأحيان إيجابياتها. ففي كثير من الأحيان تفرض العولمة على الدول والمجتمعات ضرورة لاستعمال وسائلها ( أفكار اقتصادية وسياسية ـ تكنولوجيا ـ وسائل اتصالات ) وضرورة للتعامل معها ومع آثارها ( تعديلات قانونية ـ فرضيات تمس بالمبادئ القانونية الأساسية في الدول ) .
هذا من جهة ، أما من جهة أخرى فإن العولمة أثرت سلباً في انتشار الجريمة و في تحولها من جريمة محدودة إلى جريمة دولية منظمة تطال آثارها وتنتشر أركانها في معظم دول العالم مما حتم التعاون الإقليمي والدولي للقيام بنشاط موحد ومكثف لمكافحتها .
إنطلاقاً من هاتين المسلمتين ، نرى ضرورة لإلقاء الضوء على تفاصيلهما ، علنا نوفق في فتح آفاق ربما لم تكن في اعتبار المسؤولين عن صدور التشريعات بمكافحة الإرهاب في الكويت .
1 - العولمة والإرهاب كظاهرة اجتماعية :-
منذ نهايات القرن الماضي ، يشهد العالم الحديث تغيرات عميقة وأساسية في كل المجالات الثقافية الاجتماعية ، الاقتصادية والسياسية ... لا يختلف أثنان على أن المحرك الأساسي لكل تلك المتغيرات كان ولا يزال هو مفهوم العولمة .
فالعولمة التى شكلت الضيف الملازم لكل المنتديات الإعلامية ، الثقافية ، الإقتصادية والسياسية في العالم سجلت ولادة كثير من الإشكاليات ، نتج عنها بروز مفاهيم جديدة حول ما يعرف بالنظام العالمي الجديد وتعايش الحضارات وفي كثير من الأحيان صدامها. [1]
تتفق كل تعريفات العولمة التى تداولها الكتاب في العالم حول عنصرين أساسين : يؤكد الأول على أن مفهوم العولمة كما ذكرنا هو مفهوم متعدد التأثيرات والثاني يتمحور حول التأثير الكبير لثورة الاتصالات والمعلومات والتقدم التكنولوجي على الترويج وعلى خدمة هذا المفهوم.
لم يبق والحال كذلك أمر من أمور الحياة أو ميدان من ميادينها أو مظهر من مظاهرها اليومية إلا وكان للعولمة تأثير كبير عليه. من بين تلك المظاهر التى تأثرت سلباً بالعولمة هي ظاهرة الإرهاب . نحصر الكلام في هذا المجال في تأثير العولمة على أسباب تلك الظاهرة ونبقي للفقرات التالية فرصة تفصيل تأثير العولمة على توصيف الجرائم الناتجة عنها وعن تسهيل عناصر ارتكابها .
كأي ظاهرة اجتماعية عنيفة ، ظاهرة الإرهاب تسبقها مروحة من الأسباب تمتد إلى شتى ميادين الحياة العصرية. فالتغيرات السلبية التى تطال المجالات الاقتصادية ، الثقافية ، الاجتماعية ، السياسية لها أكبر دور في بروز الظاهرة وتناميها .
أثرت العولمة في المجال الاقتصادي وظهر نتيجة ذلك هيمنة واضحة للدول المتقدمة على قواعد ومحاور وركائز الاقتصاد العالمي ، أدت في كثير الأحيان إلى شعور متنامي من الغضب و الحقد والرفض لدى الشعوب الفقيرة على العالم الغربي وكل من يؤيده . فمستوى البطالة التى تنامت مع اقتصاد السوق العالمي الجديد وسياسة التكتلات الاقتصادية العالمية والإقليمية ناهيك عن سياسات البنك الدولي المشكوك بها ، لا شك وأنها تؤثر سلباً على تصاعد ظاهرة الغضب والعنف لدى الشعوب والتى تعاني عادة من ثغرات ثقافية ، دينية واجتماعية يتحول معها الغضب و الرفض إلى ظاهرة إرهاب وتطرف بدأت بالبروز حالياً في كل أصقاع الأرض. كل ذلك يأتي مترافقا مع ما فرضته العولمة من تزايد لجرائم الفساد و الغش التي تؤثر في أحوال الناس و التي تمت تحت غطاء تشجيع الأستثمار وتوريد السلع الرأسمالية و الخدمات وتحت ستار المنافسة التي ينادي بها قانون السوق.
أصبح العالم اليوم عبارة عن قرية إقتصادية صغيرة تمارس مؤسات الجرائم المنظمة فيها أبشع وسائل تبييض الأموال وانتقالها تحت عنوان تحرير التجارة الدولية وفتح الأسواق.
على الصعيد الاجتماعي والثقافي ، أظهرت العولمة تغيرات أكيدة ارتدت في كثيرمن الاحيان سلباً على المظاهر الإجتماعية ومنها ظاهرة الارهاب. فالإنغلاق القبلي العشائري أو حتى الأثني الذي كان مهيمناً في الفترة التى سبقت ظهور العولمة الحديثة لم يعد له مكاناً في عصرنا الحالي.ترافق مع ذلك إنفتاح ثقافي وإعلامي خلط الأوراق وأدى إلى امتزاج قد يكون في كثير من الأحيان غير مدروس بين ثقافات العالم كلها .
إن ردة الفعل لدي المتزمتين والمنادين بالإنغلاق الفكري والاجتماعي والديني لم تكن ولن تكون سهلة ، فظاهرة الإرهاب لم تكن في بداياتها إلا ظاهرة
رفض للمتغيرات الثقافية والاجتماعية والدينية التى يشهدها عصر العولمة يضاف إلى ذلك أن الثقافة اليومية الجديدة التي تفرضها وسائل الإعلام في عصرنا الحاضر ، غيرت كل المفاهيم الأخلاقية و الاجتماعية و الثقافية للمجتماعات فمن جهة ، فرضت الفضائيات ووسائل الأتصالات المعلوماتية إنحلالاً أخلاقياً ضربت المجتمعات التقليدية وسهلت على قيادي ومديري الجريمة عملهم في التاثير على أفكار الشباب. و من جهة أخرى أدت نفس الوسائل الاعلامية خدمة دعائية مجانية لمجتمع الجريمة خلق في بعض الاحيان جوانب من التعاطف معه ومع أفكاره .
في المجال السياسي أعادت العولمة فرز الكرة الأرضية وسكانها بين عالمين ، متقدم ومتأخر ، ديمقراطي وغير ديموقراطي ، دول الشمال ودول الجنوبي ... مهما اختلفت التسميات فإن رؤية الدول المتقدمة والتى تستعمل العولمة الاقتصادية والثقافية والسياسية لصالحها تتلخص في الكلام السياسي الذي قسم العالم إلى محورين واحد للخير والآخر للشر ...
هذا التقسيم الذي يفرض على المجتمعات سياسات معينة قد تتناقض مع متطلبات وتقاليد وأعراف شعوبها، تولد شعوراً بالنقمة والغضب سريعاً ما يتحول إلى تعبير عنيف عن الأفكار الدينية ، السياسية، الإيديولوجية التى توصف حالياً بالإرهاب [2].
2 - العولمة والإرهاب كجريمة :-
صار من المؤكد أن العولمة انتقلت بظاهرة الإرهاب من مجرد ظاهرة اجتماعية إلى ظاهرة عنف مجرمة في معظم التشريعات الدولية والمحلية .
مما لا شك فيه أن الثورة التكنولوجية التى رافقت العولمة ونشرتها في كل أنحاء الأرض أدت إلى تسهيل عمل المحرض والشريك والمتدخل في أي جريمة من الجرائم التى تعرفها البشرية وأخطرها " جريمة الإرهاب " . كذلك الحال فإن العولمة سهلت على كل هؤلاء توفر الظروف المساعدة لتنفيذ جريمتهم وتأمين الأدوات الجرمية المناسبة.
يزداد الأمر سوءً حين يبحث ذوو الاختصاص عن ارتباط الركن المادي لجريمة الإرهاب بالركن المعنوي لها . تكشف الحقائق في هذا الإطار ، أن نظام العولمة وكل ما يفرضه من متغيرات تكنولوجية وتداخلات ثقافية ، سياسية واجتماعية جعل من جريمة الإرهاب جريمة دولية تتعدى آثارها وأركانها الحدود السياسية للدول السياسية إلى ما وراءها .
نلقي الضوء فيما يلي على :
أ - جريمة الإرهاب والتكنولوجيا الحديثة.
ب - ظاهرة الإرهاب كجريمة دولية منظمة.
أ - جريمة الإرهاب والتكنولوجيا الحديثة :-
تعتبر ظاهرة الإرهاب وما يترافق معها من مظاهر عنف وتخريب من أخطر ظواهر العنف التي تجتاح المجتمعات ، ليس فقط نتيجة الدمار والخراب الناتج عنها بل لأنها وعلى خلاف كل مظاهر العنف والجرائم التي تسود المجتمعات لا تقتصر دائرة استهدافها على فرد أو مجموعة أفراد في بعض الأحيان ظاهرة الإرهاب تطال المجتمع كله و مؤسسات الدولة وكل من يتعامل معها .
فالإرهاب سوءا أكان إرهاباً دينياً أم عقائدياً أم سياسياً ترتبط خطواته التنفيذية بفكر مسبق يشن الهجوم على كل من يخالفه الرأي سواء أكان ذلك عن طريق التكفير أو إهدار الدم أو الاتهام بالخيانة أو غيرها من التوصيفات التي تبرر قتل الناس والفتك بأمنهم وبأمانهم .
تزيد خطورة ظاهرة الإرهاب في كونها جريمة استعملت وتستعمل بكفاءة كبيرة وسائل الجرائم المنظمة والتي زادت تطورا في عصر التقنيات والاتصالات الحديثة . فالكمبيوتر ووسائل الاتصال المتعلقة به ، بقدر ما سهلت على الناس وقدمت لهم من ايجابيات بقدر ما سهلت على المجرمين أعمالهم سواء من حيث الوسيلة أو الهدف أو تأمين البيئة التي ترعي عملية الجريمة المنظمة ومنها جرائم الإرهاب :
* فالمخطط والمدبر والقائد في جرائم الإرهاب الدولي يستنفذ كل الوسائل للتأثير على رواد غرف الدردشة ـ وهم عادة من المراهقين والشباب ـ ولا يتوانى لحظة عن خلق البيئة المؤاتية لحشد التأييد والزخم البشري والمعنوي والمادي لتحقيق أهداف المنظمة الجرمية التي يسوق لها ، وكل ذلك باستعمال الرسائل الإلكترونية ومواقع الشبكة العنكبوتية وبشكل أكثر عمومية كل وسائل الاتصالات الحديثة .
* أما لناحية الهدف ، فقد استعملت وسائل الاتصالات في كثير من الأحيان لاختراق الأنظمة الخاصة بكل المعنيين بمكافحة الإرهاب أو المؤسسات والأفراد المستهدفين بالعمل الجرمي . فالاستيلاء على البيانات وتدميرها والتلاعب في محتواها والتأثير على تبادلها تدخل كلها ضمن دائرة العمل الجرمي الذي يشتد خطورة إذا كان لأهداف إرهابية .
* ومن ناحية أخرى فإن وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات وتبادل المعلومات عن طريق الانترنت أدى بشكل كبير إلى تسهيل عمل المجرمين والإرهابيين في الحصول على الأدوات الجرمية ومنها تزوير المستندات واستعمال الوثائق الضرورية للاحتيال والسرقة والخداع .
وعليه فإن على المشرع الجزائي في كل الدول أن يأخذ بعين الاعتبار ليس فقط تجريم الأفعال التى تحدث على أرضه والناتجة عن ظاهرة الإرهاب أو التطرف الإيديولوجي بل عليه التمعن في النصوص التى تجرم كل الفاعلين والمتدخلين والمحرضين والشركاء في الجريمة اللذين يستعملون وسائل الاتصالات الحديثة لممارسة أعمالهم .
فهناك ارتباط وثيق بين المكافحة الجزائية لظاهرة الإرهاب والنصوص التي يجب وضعها لتجريم سرق البيانات المخزنة في نظم الحواسيب والاستيلاء على الأرصدة المالية الإلكترونية والتقاط وتحويل البيانات المالية وتدمير نظم الحوسبة والملفات الإلكترونية بتقنيات الفيروس والاستيلاء على البيانات وإساءة استخدامها ...
خلاصة القول أن مكافحة المظاهر الجرمية للإرهاب لابد أن يترافق بتشريعات جدية لتجريم وضبط الأفعال الناشئة من بيئة الكمبيوتر والانترنت وبشكل عام بيئة الاتصالات المتقدمة .
ب - الإرهاب جريمة منظمة دولية :-
(( يعرف الإرهاب الدولي بأنه نوع من العنف غير المبرر وغير المشروع بالمقياسين الأخلاقي والقانوني الذي يتخطي الحدود السياسية للدول ... أنه ذلك العنف الذي ينتج عن ممارسته ردود فعل دولية قد يتسع مداها وتأثيرها أو يضيق بحسب الأحوال )) [3]
انطلاقاً من هذا التعريف ، سهلت وسائل العولمة عبر وسائل الاتصالات ووسائل الإعلام والتكنولوجية بوضع جرائم الإرهاب المرتكبة في دول معينة ضمن خانة الجريمة الدولية التي يطال تأثيرها المعنوي ـ الذي ركز عليه التعريف السابق الذكر ـ كل المجتمعات الدولية .
هذا التعريف ورغم صحته لا يعتبر كافياً لوصف الجريمة بالدولية ، فلابد لإعطاء مثل هذا الوصف لأي جريمة أن تدخل أفعالها وأركانها وآثارها ومن ثم تأثيرها على الرأي العام خانة الجريمة المنظمة التي تتعدي أركانها الحدود الإقليمية للدول .
فشبكات الإرهاب المنتشرة حول العالم تدخل ضمن شبكات الجرائم المنظمة لأنها تضم مجموعة كبيرة من المرتزقة والمنحرفين وأصحاب السوابق واللذين يتم التلاعب بأفكارهم دينياً أو عقائدياً أو سياسياً والعبث في أذهانهم بأفكار جريمة تتأرجح بين زرع الأمل الكاذب بالحصول على المال الوفير و بين التكفير عن الذنب والحصول على المغفرة والجنة . كل ذلك يتم بتحريض على ارتكاب أعمال الإرهاب والقتل والخطف والتعذيب وأخذ الرهائن .
ارتباط الإرهاب الديني أو السياسي أو العقائدي بالجريمة المنظمة ليس جديداً ، فقد كشفت الإحصائيات المنشورة على مواقع الشبكة العنكبوتية أن هناك أكثر من 390 منظمة إرهابية منتشرة حول العالم تستعمل وسائل الجرائم المنظمة لتسهيل أهدافها الجرمية . [4]
فرغم الاختلاف العقائدي بين هذه المنظمات( ومنها : منظمة كاخ اليهودية ـ منظمة الجيش الأحمر الياباني ـ الجيش الجمهوري الإيرلندي والمنظمات الدينية الإسلامية المتطرفة ) فإن التعاون بينها حثيثاً أن لجهة استعمال وسائل تبيض الأموال أو لناحية تبادل الخبرات أو لجهة تبادل البيانات والمعلومات أو لجهة الالتقاء على نفس الأهداف التخريبية في بعض الأحيان .
لقد سهلت عولمة التكنولوجية الحديثة لتلك المنظمات عملها وتعاونها وسهل انتقال الجرائم التي عادة ما كانت تحدث في إقليم دولة معينة إلى جرائم دولية يكون المحرض والمشترك والوسائل والفاعل فيها خارج حدود الوطن في كثير من الأحيان لكنها تطال في آثارها الدولة المعنية وغيرها من الدول .
في مقالة نشرت في صحيفة القبس الكويتية للمحامي / يعقوب عبد العزيز الصانع تبين أن سلوك العنف الجرمي في جرائم الإرهاب يدخل ضمن زمرة الجرائم المنظمة التي تمر في مراحل عديدة تتعدي الأماكن الجغرافية لتكوينها حدود الدول السياسية . الاقليمية ، وذلك للارتباط المباشر بعالم التكنولوجيه الذي لا ينحصر التعامل من خلاله بحدود أو إقليم أو أرض . [5]
فجريمة الإرهاب كما أي جريمة منظمة تنتقل من مرحلة الفكر إلى مرحلة التأسيس والإنشاء ومنها إلى مرحلة التمويل ، ومن ثم إلى التنظيم والإدارة والقيادة أو الزعامة ، ومن ثم إلى مرحلة التجنيد والتدريب والتسليح لتنتهي عند مرحلة التنفيذ والعمليات المرافقة واللاحقة لها .
في كل هذه المراحل تتداخل العناصر وتتعدد الأماكن الجغرافية لمرتكبيها لتتخطى بذلك أركان الجريمة المنظمة وخاصة جريمة الإرهاب كل الحدود ويطل تأثيرها كل مناطق ودول العالم . كل ذلك يجب أن يستتبع بتعاون دولي حثيث وجدي لمكافحة الإرهاب وكل الجرائم المنظمة المرتبطة بها ، الأمر الذي حاولت تنظيمه اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الجريمة العابرة للأوطان الصادرة في 15 نوفمبر 2000 والتي فرضت التزامات دولية على الأطراف الموقعة تلزمها بكثير من التعديلات على قوانينها الداخلية وبجدية في التعاون الدولي.
3 - عولمة مكافحة الإرهاب والآثار المترتبة على ذلك :-
فرضت جريمة الإرهاب نفسها على كل مجتمعات الأرض وانتقلت من كونها مجرد ظاهرة اجتماعية تجرم في بعض الأحيان داخل الحدود الإقليمية إلى جريمة دولية منظمة تطال في دائرة تأثيرها شتي أنحاء الكرة الأرضية ، كل ذلك كان في جزء كبير منه يسبب العولمة التي – كما راينا – سهلت التخطيط و الاعداد و التنفيذ في جريمة الارهاب مستقلة بشكل سيئ احسابها التقدم التكنولوجي .
أمام هذا الوقع فرضت العولمة نفسها مرة أخرى على السبل القانونية لمكافحة ظاهرة الإرهاب فكان لابد للمشرع في كل دولة أن يأخذ بالاعتبار ظاهرتين أساسيتين فرضهما الواقع نشير من ناحية إلى مقتضيات التعاون الدولي الحثيث لمكافحة الظاهرة الذي يفرض من ناحية أخرى بحث التنازل الجزئي عن مفهوم السيادة الوطنية للدول .
في هذا السياق لابد من التاكيد على أن المجتمع الدولي متمثلاً بهيئة الأمم المتحدة بذل جهوداً كبيرة في سبيل مكافحة الإرهاب ومنذ زمن بعيد حيث تم وضع اتفاقيات دولية متعددة تطال فروعاً متعددة من مظاهر الإرهاب العالمي ( قمع الجرائم المرتبكة على متن الطائرات أو السفن ، حذر استعمال المواد النووية ـ حماية الأشخاص المتمتعين بحماية دولية... ) صدقت الكويت على جزء من هذه الاتفاقيات وبقي عدد منها قيد التصديق بعدما وقعت عليها السلطات المختصة [6].
رغم أهمية هذه الاتفاقيات في سياق التعاون الدولي فإن دراستها تحتاج لتفصيل كبير لا تسع له هذه السطور ، ما يهمنا التركيز عليه فيما يلي هو إلقاء الضوء على مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب كأحد فعاليات التعاون الدولي في هذا السياق "أ" .
لننتقل منه إلى دراسة تأثير التعاون الدولي الذي فرضته عولمة ظاهرة الإرهاب على السيادة الوطنية للدول من حيث المساس ببعض مسلماتها القانونية والدستورية " ب "
أ - مؤتمر الرياض ، خطوة جديدة في عولمة مكافحة الإرهاب :-
انطلاقاً من المعاناة المباشرة للمملكة العربية السعودية من الإرهاب والتطرف الديني وتأكيداً على دورها المهم في الشرق الأوسط ، بذلت السلطات السعودية جهوداً جبارة لتنظيم مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب شارك فيه أكثر من خمسين دولة بهدف التعاون الجدي والحثيث لمكافحة خطر الإرهاب الداهم على كل أصقاع الأرض .
شكل هذا المؤتمر أول منتدى عالمي دولي متخصص جدياً في مكافحة الإرهاب ، حيث تبادل المؤتمرون خبراتهم وأفكارهم في سبيل الوصول إلى رؤية واضحة لمكافحة دولية جدية للإرهاب .
أتى هذا المؤتمر تحت عنوان أساسي يتمحور حول " عولمة مكافحة الإرهاب " والذي بات أمراً ملحاً أكثر من ذي قبل خاصة بعد أن شملت الأعمال الإرهابية مناطق العالم أجمع ولم تسلم منها قارة من قاراته " وطالت آثارها كل مجتمعات الأرض مهما اختلفت دياناتها ومعتقداتها وثقافاتها [7].
ناقش الحاضرون في المؤتمر عدة محاور أساسية يمكن تقسيمها إلى أربع :
الأول ركز على البحث في جذور الإرهاب ، والثاني ناقش علاقة الإرهاب بالجرائم الدولية الأخرى وناقش الثالث تجارب الدول التي عانت من ظاهرة الإرهاب وحاولت مكافحته أما القسم الأخير فقد ناقش التنظيمات الإرهابية وتشكيلاتها .
خرج المؤتمرون بتوصيات مهمة بلغ عددها خمس وخمسون يجب على المشرع الكويتي أن يعمل جاهداً للأخذ بها في أي تشريع مرتقب لمكافحة الإرهاب في الكويت ونذكر منها :-
1 - التركيز على العمل الجماعي ، بما معناه عولمة العمل وعولمة الاستراتيجية الشاملة للتعامل مع الإرهاب الدولي ، والتركيز على أهمية احترام القرارات الدولية المتعلقة بهذا الشأن .
2 - تفعيل التعاون الدولي فيما يتعلق بانتقال المواد الضارة والقاتلة خاصة النووية والتقنيات الحديثة المستعملة في الأعمال الإرهابية واتخاذ كل التدابير للحول دون وصول هذه المواد ليد الإرهابيين .
3 - تفعيل عمل مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب والاهتمام بالتنمية المستدامة وتحسين الاقتصاد ومحاربة الفقر والأمية والتصدي لكل عناصر البيئة التي تشجع على إنتشار العنف والفكر المتطرف .
4 - العمل جدياً على تحقيق اقتراح الأمير عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء مركز دولي متخصص في مكافحة الإرهاب ، تشترك فيه دول العالم بمتخصصين وأصحاب خبرة لتبادل الأفكار وتمرير المعلومات بشكل فوري يتوازى مع سرعة الأحداث الإرهابية وسرعة انتشارها وسرعة نواي المخططين لها والمنفذين .
5 - التركيز على محو كل طابع ديني أو ايديولوجي أو عقائدي عن الإرهاب فهو من غير دين أو لون أو عقيدة يطال في ضرره كل الأديان والثقافات والشعوب .
6 - تطوير التشريعات ووضع المعايير القانونية الواضحة لمعالجة الظواهر التي تساعد على انتشار الإرهاب بين الدول ومنها :
* مظاهر اللجوء والهجرة واستخدام أراضي الدول التي تساعد في ذلك بتجنيد وتدريب وتمويل المنظمات الإرهابية .
* ظاهرة انتشار الهيئات الخيرية والإنسانية غير الربحية من غير ضوابط قانونية أو رقابية مما يسهل تمويل المنظمات الإرهابية بغطاء إنساني مقنن
* ظاهرة انتشار الأسلحة بيد الشعوب تحت أي ذريعة .
7 - تقديم الدعم المعنوي والمادي للدول المحتاجه في سبيل تطوير جهودها في إدارة الأزمات وتشجيعها على إنشاء مراكز وطنية متخصصة في مكافحة الإرهاب .
ورغم أهمية الخطوة الدولية المتخذة ورغم أهمية التوصيات التي نتجت عن هذا المؤتمر، خاصة إذا ما فعلت بشكل جدي في التشريعات الوطنية في كل دولـة ، لم يخلو الأمر من خلافات جدية بين الدول المجتمعة تمحورت أهمها على :-
1 - تعريف الإرهاب وتفريق عن الحق المشروع للشعوب في مقاومتها للاحتلال الأجنبي ، حيث كان لبعض الدول ومنها ( لبنان ـ سوريا ـ إيران ) تحفظات على هذا الموضوع ، مما أدى إلي بروز تحفظات جدية ونقاشات حادة لم تلقى الا حلاً جزئياً . [8]
2 - الخلاف الثاني والذي لا يعتبر بعيداً عن الأول تتمحورعناصره حول تحديد القوائم الإرهابية التي يجب مكافحتها عالمياً ومن قبل كل الدول تداخل في هذه النقطة كثير من الأمور السياسية و المصلحية والايديولوجية ووصل الأمر إلى اعتراف رئيس وفد الأرجنتين بفشل المؤتمر بتحديد تعريف واضح للإرهاب " [9].
3 - أما التحفظ الأخير الذي نتناوله في هذه الأسطر القليلة يركز على الآليات الوطنية للتصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإرهاب ، حيث برز نقاش جدي حول وجوب أو عدم جواز توقيع الدول على هذه الاتفاقيات من غير أو مع تحفظات .
تسلط الدراسة المتأنية للتوصيات والتحفظات التي نتج عنها المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الضوء على نقاط أساسية وجوهرية يجب على الباحث والمشرع والمسؤول الذي يعمل في وضع الحلول القانونية والعملية النظرية لمكافحة الإرهاب أن يأخذها بالاعتبار .
من هنا أتت أهمية عولمة مكافحة الإرهاب كرد طبيعي ومنطقي على عولمة جريمة الإرهاب .
ب - آثار عولمة مكافحة الإرهاب على التشريعات الجزائية الوطنية :-
لم يبق مجالا من مجالات الحياة إلا وأثرت به العولمة ، الأمر الذي استدعي معالجة تشريعية خاصة لكل دولة تكون بالقدر الكافي من السرعة والدقة لمعالجة التطورات الجديدة . ففي المجال الاقتصادي مثلاً كان لابد للمشرع الوطني أن يأخذ بالاعتبار مستجدات النظام الاقتصادي والنقدي الدولي الجديد والذي برز في كثير من الأوجه منها إنشاء صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والذي فرض التعامل معهما كثيراً من التغيرات القانونية والاقتصادية أظهرت شركات عالمية متعددة الجنسيات وترافقت مع تدفق رؤوس الأموال المصرفية والاستثمارات الأجنبية في شتى أنحاء الأرض ... وهكذا في كل ميادين الحياة الحديثة فرضت العولمة تأثيرها على التشريعات الخاصة بالاجتماع والسياسة والاقتصاد والبيئة.
كجزء مهم من التشريعات الوطنية ، وقع قانون الجزاء في أي من الدول التي تحاول مكافحة الإرهاب تحت تأثير العولمة مما اقتضى أن تأخذ بعين الاعتبار كثيراً من التغيرات التي تفرضها العولمة على المفاهيم القانونية التقليدية في هذه الدول .
فعلي صعيد العلاقة القانونية بين التشريعات الداخلية والتشريعات الدولية، فرضت عولمة الجريمة وخاصة جريمة الإرهاب وعولمة مكافحتها على الدول إلزامية التعامل مع القانون الدولي الجنائي والذي ينطلق من استعمال مجلس الأمن لسلطته التي نص عليها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع كل ما ينتهك السلام والأمن الدولي . يضاف إلى ذلك إنشاء محاكم دولية متخصصة لمحاكمة المسئولين عن الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية
( يوغسلافيا 1993 ـ رواندا 1994 ) وما تبعها من إنشاء للمحكمة الدولية الجنائية التي أسست لها معاهدة روما لسنة 1998 . [10]
إن احترام قرارات مجلس الأمن واحترام الأحكام القانونية الدولية التي تنظم عمل وحجية الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية تفرض على الدول الكثير من الالتزامات التي تضرب في بعض الأحيان المفاهيم القانونية الجنائية " كمفهوم شرعية التجريم " ومبادئ تسليم المجرمين وامتداد اختصاص المحاكم الدولية إلى رعايا الدول المستقلة .
فمبدأ مشروعية التجريم الذي ينص على أنه لا جريمة ولا عقوبة دون نص يتخذ وفق الخطوات التشريعية الوطنية يضمحل لصالح احترام ما تحكم به المحاكم الدولية والتي تستمد تشريعاتها عادة من العرف الدولي المنطبق على الجرائم التي تنظر بها بما يضرب مفهوم النص المكتوب الذي يجب أن يحكم كل تجريم وكل عقوبة في التشريعات الداخلية للدول. ناهيك عن عدم احترام القانون الجنائي الدولي المطبق في المحاكم الدولية وفي كثير من الأحيان لمبدأ عدم " رجعية قانون العقوبات " على الجرائم المرتكبة قبل تفعيل أي تشريع مكتوب أو غير مكتوب . [11]
من جهة أخرى فإن العولمة وخاصة فيما يتعلق بعولمة المكافحة الدولية للجريمة تؤثر في التشريعات الجنائية الوطنية في تراجع مفهوم السيادة التي تتمسك بها كل دساتير الدول وكل قوانينها الداخلية. فقد أكد الدكتور / أحمد فتحي سرور ، رئيس مجلس الشعب المصري في محاضرة له ألقاها في جامعة الإسكندرية حول نفس الموضوع أن الاتفاقيات الدولية التي فرضتها العولمة وفرضت معها التزامات على الدول أدى إلى مناخ تراجعت معه السيادة الوطنية " تجلى بوجه خاص في مظهرين : الأول هو القضاء الدولي الجنائي والثاني هو الاختصاص الجنائي العالمي للقضاء الوطني ".
إن مكافحة الإرهاب الذي أتخذ صفة الجريمة المنظمة الدولية لا يبعد عن هذا الإطار خاصة إذا دخل ضمن دائرة اختصاص المحاكم الدولية التي فرضته العولمة ومفاهيم حماية مصالح المجتمع الدولي على حساب السيادة الوطنية للدول يضاف إلى ذلك تراجع السيادة الوطنية أمام الاختصاص الجنائي الدولي لبعض القضاء الوطني في عدد من الدول و منها على سبيل المثال بلجيكا ، حيث يعقد الاختصاص للقضاء الوطني في هذه الدول حسب قوانينها لمحاكمة أشخاص ترجع جنسيتهم إلى دولة أخرى في حال ارتكابهم لأفعال تنتهك القانون الإنساني الدولي حتى ولو لم تقع الأفعال الجرمية على إقليمها ولو لم تقع الجريمة على أحد مواطنيها.
ويزداد الأمر خطورة على السيادة الوطنية حين يعرف أن مثل هذه القوانين قد تطال في أحكامها اشخاصاً لهم حصانة معينة وفق التشريعات الوطنية الخاصة بكل دولة ، هذا ما حصل حين استدعي آرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي بصفة متهم لمحاكمته أمام القضاء البلجيكي رغم تمتعه بحضانة رئاسية في إسرائيل .
يضاف إلى كل ذلك ما ذهب إليه فقه القانون العام الدولي [12] الذي ركز على التضارب الذي يحصل بين الاختصاص العالمي لمحاكم بعض الدول وبين ما تفرضه معظم التشريعات الوطنية من مفاهيم تكفل احترام ضمانات المحاكمة المنصفة للمتقاضي أو المتهم .
ويشار أخيراً إلى إمكانية محاكمة نفس الشخص على نفس الواقعة في محاكم دولته وفي محاكم الدول التي تعتمد ، باسم العولمة ، الاختصاص العالمي لقضائها ، ويزيد الأمر سوءاً عندما تنتفي الاتفاقيات الثنائية المنظمة لمثل هذه الأمور .
* الخلاصـة :-
حقائق يجب التنبه إليها في التشريعات المرتقبة لمكافحة الإرهاب في الكويت :-
رغم ما يؤكد عليه الفقه الجنائي في دولة الكويت من كفاية النصوص الجزائية الكويتية لمكافحة الإرهاب [13] تفرض العولمة على المشرع وعلى كل من يفكر في مكافحة الإرهاب في دولة الكويت أن يأخذ بالاعتبارات التالية :-
1 - ظاهرة الإرهاب هي ظاهرة اجتماعية كان للعولمة أثر بارز في تحولها إلى ظاهرة جرمية من خلال التداخلات الثقافية ، الاجتماعية ، الدينية ، السياسية والاقتصادية التي خلطت العولمة أوراقها وسهلت تناقلها بين مجتمعات العالم .
لذلك فإن تعديل التشريعات الجزائية غير كافية وحدها لمكافحة الإرهاب بل يجب إعادة النظر في كل القوانين وملئ الفراغ التشريعي لمكافحة آثار العولمة ومجارات تداخلاتها في كل نواحي الحياة .
2 - تفعيل كل الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب ومكافحة الجرائم العابرة للحدود والتي وقعت عليها الكويت وإعادة صياغة التشريعات الضرورية لأعمال مفاهيمها .
3 - التعامل بجدية مع توصيات المؤتمرات الدولية ومع مقتضيات التعاون الدولي في سبيل مكافحة الإرهاب .
4 - النظر بجدية بما تفرضه العولمة ـ عن خطأ أو عن صواب ليس الأمر مطروحاً للنقاش ـ من مفاهيم جديدة خاصة في أمور تعميم مبادئ حقوق الإنسان والديموقراطية الغربية على أصقاع الأرض.
يظهر الأمر جلياً في ضرورة الموازنة بين العنف في مكافحة الإرهاب وضرورات احترام حقوق الإنسان والمواطن وحرياته الأساسية .
5 - التعامل بجدية مع ما تفرضه العولمة من تغيرات على واقع السياسة الجنائية في كل الدول ومنها الكويت وفي هذا الإطار تطرح عدة أسئلة يجب على المشرع أن يجيب عليها :-
أ - هل تصمد نصوص التجريم أمام حقيقة اختلاف محل الجريمة في بعض الأحيان وتحوله بفضل المعلوماتية ووسائل الاتصال من كيان مادي ملموس إلى مجرد وجود معنوي على شبكة تتخطي الحدود السياسية للدول ؟
( مثال التحريض على جريمة الإرهاب عبر مواقع الانترنت أو سرقة البيانات عبر نفس الشبكة ومنها ) .
ب - بشكل أكثر عمومية هل النظريات العامة للقانون الجنائي ما زالت تنطبق بكل فاعلية على بواعث أو محل أو أركان الجريمة الإرهابية التي تستعمل الشبكة العنكبوتية ملاذاً آمناً لها ؟
جـ- هل تكفي التشريعات الكويتية لتغطي مستلزمات مبدأ المشروعية في التفتيش والبحث عبر النظم التقنية في قواعد البيانات والمواقع المعلوماتية كما هو الحال عند التفتيش في المنازل أو المكاتب أو السيارات عن دلائل الإثبات مثلاً ؟
د - هل أن النظام القضائي الكويتي يستوعب بشكل كاف القرارات الدولية وقرارات المحاكم الجنائية الأجنبية أو الدولية ، وهل تفي النصوص بغرض توزيع الاختصاصات بين محاكم وطنية ودولية أو أجنبية .
هـ- هل أخذ المشرع الكويتي بمستلزمات العولمة حين تفرض على كل الدول مبادئ جديدة في القانون الجنائي والدستوري ومنها :
( الخلل في مبدأ الشرعية ـ الخلل في مبدأ عدم القياس في النصوص الجرمية ـ تخطي أركان الجريمة عبر الانترنت كل الحدود الاقليمية – الخلل بمبدأ السيادة الوطنية ) ؟
نكتفي فيما سبق بالقاء الضوء على هذه النقاط ونبقى تفصيلها وتطويرها إلى حلقات نقاشية متخصصة وجهود جدية يجب إستنفاذها علميا قبل البت في أي قانون لمكافجة الإرهاب .
د. بلال عقل الصنديد
15/3/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق