الاثنين، 31 أكتوبر 2011

إضاءات على الوضع القانوني للعمل البلدي في محافظات دولة الكويت

http://www.tashreaat.com/view_studies2.asp?id=716&std_id=104
إضاءات على الوضع القانوني للعمل البلدي في محافظات دولة الكويت
إعداد: الدكتور بلال عقل الصنديد

موجز الدراسة
إطلالة موجزة على المضمون:

- إن "أجهزة الإدارة المحلية" - المتمثلة، بصورة أو بأخرى، بالأجهزة اللامركزية التابعة لبلدية الكويت في المناطق من جهة وبالمحافظين كممثلين للسلطة المركزية في المحافظات من جهة أخرى- تلعـب دوراً مهماً وحيوياً في توطيد أواصر التواصل والتفاعل بين المواطن والأجهزة الحكومية المركزية سعياً لتعميم النفع والخير على كافة جهات ومناطق البلاد.

- من خلال قراءة سـريعة لنصوص كـل من المرسـوم رقم (65) لسنة 2006 بشأن نظام المحافظات والقانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت تثار بعض التساؤلات حول العلاقة بين عمل أجهزة العمل البلدي التي تمارس نشاطاتها في الحدود الجغرافية للمحافظات وعمل واختصاصات المحافظين والأجهزة العاملة تحت إمرته، وعلاقة كل هذه الأجهزة الرسمية ببعضها البعض.

- اقتضى الأمر ضرورة التفريق بين كل من اللجان الفرعية للمجلس البلدي و فروع البلدية في المحافظات، لناحية التشكيل والاختصاصات العلاقة التي تربط بينهما.
- هذا التفريق من شأنه أن يساهم في تحديد علاقة كل منهما مع السادة المحافظين والبحث في مدى تداخل وتكامل اختصاصات كل من هذه الجهات.

- خلاصة الدراسة أبرزت ما هو واضح من خلال قراءة النصوص القانونية بان اللجان الفرعية للمجلس البلدي لا تعدو عن كونها كياناً متفرعاً من السلطة التقريرية للمجلس البلدي وان فروع البلدية في المحافظات هي عين ويد الجهاز التنفيذي للبلدية. أما عن العلاقة التي تربطهما بالمحافظ فهي مستمدة من حقيقة أن المحافظ هو أعلى موظف عام في محافظته وهو ممثل السلطة التنفيذية فيها، وبالتالي له ضمن حدود معينة الحق النظري بممارسة بعض أوجه سلطة الوصاية على اللجان الفرعية للمجلس البلدي بينما يملك بمواجهة فروع البلدية سلطات أوسع كون أركان فروع البلدية هم موظفين معينين بمرسوم.

- إن الأفكار المطروحة في هذه الدراسة تعتبر دائماً موضع مناقشة وبحث معمق بهدف تطويرها أو تصويبها في حال وجود أي رأي مخالف مبني على حجج قانونية ومنطقية مختلفة.
توطئة
سعى المشرع الكويتي من خلال نصوص المرسوم رقم (265) لسنة 2006 بشأن نظام المحافظات إلى التجسيد العملي والواقعي للتوجيهات السياسية العليا وللحرص الحكومي على تفعيل خطط التنمية الشاملة في كل مناطق الكويت، بشكل يعكس بدقة رغبات وتطلعات المواطنين في كافة أنحاء البلاد وتأصيل دورهم في رسم السياسات العامة واقتراح مضامين الخطط التنموية، البيئية والخدماتية… مما يجسد فعلياً مبدأ المشاركة الشعبية في إدارة شئون البلاد.

انطلاقاً من نفس التوجهات السـياسية، جاءت نصوص القـانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت حريصة إلى أبعد الحدود على تخطي أي مصاعب وفك أي تشابك في الصلاحيات بين أجهزة العمل البلدي، ولاسيما بين السلطة التقريرية الممثلة بالمجلس البلدي والسلطة التنفيذية المتمثلة برئيس البلدية في ظل القانون القديم لبلدية الكويت[1]، وذلك في سبيل مجاراة التطور العمراني، الاجتماعي والاقتصادي في كافة مناطق الكويت وفي سبيل توصيل الخدمات العامة بأقل تكلفة وجهد إلى سكان دولة الكويت في أي منطقة وجدوا.

وعليه فان "أجهزة الإدارة المحلية" - المتمثلة، بصورة أو بأخرى، بالأجهزة اللامركزية التابعة لبلدية الكويت في المناطق من جهة وبالمحافظين كممثلين للسلطة المركزية في المحافظات من جهة أخرى- تلعـب دوراً مهماً وحيوياً في توطيد أواصر التواصل والتفاعل بين المواطن والأجهزة الحكومية المركزية سعياً لتعميم النفع والخير على كافة جهات ومناطق البلاد.

إلا انه، ومن خلال إطلالة سـريعة على نصوص كـل من المرسـوم رقم (65) لسنة 2006 بشأن نظام المحافظات و القانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت تثار بعض التساؤلات حول مدى العلاقة بين عمل أجهزة العمل البلدي التي تمارس نشاطاتها في الحدود الجغرافية للمحافظات وعمل واختصاصات المحافظين والأجهزة العاملة تحت إمرته، وعلاقة كل هذه الأجهزة الرسمية ببعضها البعض.

فقد نصت المادة (4) من القانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت على أن يؤلف المجلس البلدي من بين أعضائه ولمثل مدته ((لجنة فرعية لكل محافظة ويحدد المجلس كيفية تشكيلها واختصاصاتها…)). كما نصت المادة (30) من نفس القانون على أن ((ينشأ في إطار الهيكل التنظيمي للبلدية فرع لها بكل محافظة يتولى تقديم الخدمات البلدية لسكانها وتحدد اختصاصات هذه الفروع بقرار من الوزير المختص)).

وقد ورد في المادة (1) من المرسوم رقم 265 لسنة 2006 بشان نظام المحافظات أن ((يرأس كل محافظة محافظ يدير شئونها ويمثل السلطة التنفيذية فيها، ويتابع نشاط الأجهزة الحكومية والمرافق العامة في دائرة المحافظة والتنسيق بينها…)).

فهل تفيد هذه النصوص وغيرها مما ورد في القانون والمرسوم سابقي الذكر وجود علاقة معينة بين المحافظين وأجهزة العمل البلدي ضمن النطاق الجغرافي للمحافظات وما هو مضمون وحدود هذه العلاقة ؟ وهل تعتبر اللجان الفرعية للمجلس البلدي و فروع البلدية المنصوص عليها في قانون البلدية من قبيل الأجهزة الحكومية التي تقع بموجب نص المادة (1) من المرسوم رقم 265 لسنة 2006 بشان نظام المحافظات تحت رقابة المحافظ بصفته ممثلاً للسلطة التنفيذية في محافظته؟
المسائل المطروحة للبحث
في ضوء ما سبق عرضه وطرحه من نصوص واستفهامات، فانه من الملائم البحث في مسألتين أساسيتين ينبثق عنهما مسائل فرعية، وهما :

أولا : التفريق بين كل من اللجان الفرعية للمجلس البلدي و فروع البلدية في المحافظات، وذلك في ضوء بحث المسائل الفرعية المرتبطة بتكوين كل منهما و اختصاصاتهما والعلاقة التي تربطهما.

ثانياً : هذا التفريق من شأنه أن يساهم في تحديد علاقة كل منهما مع السادة المحافظين والبحث في مدى تداخل وتكامل اختصاصات كل من هذه الجهات.
التفريق بين اللجان الفرعية للمجلس البلدي وفروع البلدية في المحافظات
تبنى الدستور الكويتي نظام اللامركزية بنوعيها : المرفقية (المتمثلة بالمؤسسات والهيئات العامة) والإدارية (المتمثلة بالهيئات والإدارات البلدية) والقائمة على أساس تنظيم الجهاز الإداري في الدولة بشكل يسمح بتعدد الأشخاص العموميين مرفقياً وإقليمياً، إلى جانب الإدارة المركزية، وتوزيع الاختصاصـات بين جميع هذه الأجهزة الرسـمية، فنص في مـادته (133) على أن : ((ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها)).

من خلال هذا النص اعترف المشرع الكويتي بوجود حاجات محلية لسكان المناطق تتميز عن الحاجات والمتطلبات القومية لكافة المواطنين والقاطنين في دولة الكويت. فرسمت النصوص الدستورية الإطار العام الذي يسمح بإنشاء هيئات محلية أو إقليمية مستقلة إدارياً ومالياً تتولى مهمة الاستجابة لحاجات سكان هذه المناطق وتلبية متطلباتهم تحت رقابة ووصاية وإشراف الجهات الرسمية المركزية.

وهكذا، وبعد مسار تاريخي لبلدية الكويت منذ 13 أبريل 1930[2]، انشأ القانون رقم (15) لسنة 1972 بلدية الكويت، ومقرها العاصمة، وأعطاها الشخصية المعنوية وربطها بمجلس الوزراء ليمارس عليها سلطة الوصاية والإشراف. ونص في المادة الأولى منه على إنشاء لجان فرعية في المحافظات من بين أعضاء المجلس البلدي، لتتولى الشئون البلدية الخاصة بكل محافظة.

أمام هذا الوضع، ثار الجدال القانوني حول المشاكل العلمية والعملية التي كانت تعترض بلدية الكويت في ظل القانون رقم (15) لسنة 1972 لجهة مدى جواز إعطاء هذه اللجان الفرعية في المحافظات شيئاً من الاستقلال التقريري في المسائل التي تهم المحافظة المعنية. إلا أن هذه الإشكالية لم تحل بصدور القانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن البلدية الذي أبقى في مادته رقم (4) على وجود هذه اللجان الفرعية دون أن يحسم المسألة المثارة ونص بالإضافة إلى ذلك في المادة (30) على أن : "ينشأ في إطار الهيكل التنظيمي للبلدية فرع لها بكل محافظة يتولى تقديم الخدمات البلدية لسكانها وتحدد اختصاصات هذه الفروع بقرار من الوزير المختص ".

وهكذا فان القانون رقم (5) لسنة 2005 لم يتجاوب مع المطالبات المتكررة والمتزايدة للمنادين بنظام تعدد البلديات المحلية التي تختلف عن بلدية العاصمة والتي تتمتع بالاستقلالين الإداري والمالي عن السلطة المركزية وأجهزتها في المناطق والأقاليم وإن بقيت دائما تحت إشرافها ورقابتها، فأبقى على وجود بلدية واحدة يكون مقرها مدينة الكويت، بجهازين تقريري (مجلس الإدارة) وتنفيذي (مدير عام البلدية ومعاونيه) يشمل عملهما واختصاصاتهما كافة مناطق الكويت.

إلا أنه، وبما يشبه النظام الحقيقي اللامركزية الإدارية دون أن يتطابق مع جميع مكوناته، اكتفى المشرع في المادتين (4) و (30) من القانون رقم (5) لسنة 2005 بالعهدة إلى ما يمكن اعتباره نوعاً من الأجهزة المحلية بتلبية الحاجات البلدية الصحية، البيئية،العمرانية والتنموية... لسكان المحافظات المختلفة وذلك ضمن إطار عمل واختصاصات أجهزة بلدية العاصمة. فنص القانون على وجود كل من :

• اللجان الفرعية للمجلس البلدي في المحافظات.
• فروع البلدية في كل محافظة.

الواقع، إن هاذين النوعين من الأجهزة البلدية يختلفان من حيث التكوين والاختصاصات ويرتبطان بعلاقة قانونية معينة تتضح معالمها فيما يلي :

يشار بداية إلى أن آلية تشكيل اللجان الفرعية تعود وفق المادة (4) من القانون 5/2005 إلى المجلس البلدي نفسه الذي يحتفظ بحق تحديد كيفية تشكيل لجنة لكل محافظة من بين أعضائه وتحديد اختصاصاتها على ألا يشترك العضو في أكثر من لجنتين. ومن المفيد ذكره في هذا الإطار أنه وفق ما جاء في نص المادة (3) من قانون البلدية، يشكل المجلس البلدي من ستة عشر عضوا : عشرة منهم منتخبين وفقاً لأحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة و ستة أعضاء يعينون بمرسوم.

من جهة أخرى فان فروع البلدية هي كيانات قانونية نصت على وجودها المادة (30) من نفس القانون والتي ورد فيها انه ((ينشأ في إطار الهيكل التنظيمي للبلدية فرع لها بكل محافظة يتولى تقديم الخدمات البلدية لسكانها)) على أن يعود لوزير الشئون البلدية وليس للمجلس البلدي مهمة تحديد اختصاصات هذه الفروع بقرار منه.

في نفسن الإطار، ومن خلال قراءة متأنية لنص المادة (25) من قانون البلدية يلاحظ أن المشرع قد فرق بين إقرار الوزير للنظم المتعلقة بالشئون البلدية و إقراره للوائح الداخلية لنظام العمل بالجهاز التنفيذي للبلدية متضمناً الوحدات التنظيمية التي يؤلف منها الجهاز التنفيذي واختصاص كل منها، حيث يستفاد من منطوق المادة (25) سالفة الذكر أن القانون اشترط إقرار المجلس البلدي للنظم المتعلقة بالشئون البلدية قبل صدور قرار وزاري بشأنها ولم يشترط ذلك في الأمر الأخر. وبالتالي فان اختصاصات فروع البلدية في المحافظات هي مضمون قرار يصدره وزير الشئون البلدية دون أن يكون للمجلس البلدي أي علاقة أو اختصاص أو سلطة قانونية في هذا الشأن، إلا إذا عرض الأمر عليه من باب الاستئناس برأيه وتفعيلاً للنص العام الذي جاء في البند الثامن من المادة (12) التي ورد فيها ما يلي :

((يختص المجلس البلدي في إطار الخطة العامة للدول والميزانية المعتمدة بالمسائل الآتية :
1- ....
2-....
8- النظر في الاقتراحات التي تقدم من الحكومة أو المواطنين أو أعضاء المجلس البلدي في شأن من شئون البلدية ، وإصدار توصياته في هذه الاقتراحات ...)).


خلاصة القول أن المنطق القانوني المتبع في قانون 5/2005 يدلل على أن اللجان الفرعية هي ممثل المجلس البلدي في المحافظات بحيث تتركز اهتمامات ونشاطات كل لجنة من هذه اللجان على رصد ومتابعة الحاجات المحلية لسكان المحافظات، وذلك كآلية قانونية وعملية تمهد الطريق أمام المجلس البلدي لتقرير ما يراه مناسباً في شأنها. أما فروع البلدية فهي عين ويد الجهاز التنفيذي لبلدية الكويت في المحافظات. لها اختصاصات تنفيذية محلية لا تختلف موضوعياً عن اختصاصات الجهاز التنفيذي المركزي في بلدية الكويت إلا لناحية تمييز النطاق الجغرافي لها، بحيث تنحصر اختصاصات كل فرع من الفروع بالمدى والحدود الجغرافية للمحافظة التي يعمل ضمن نطاقها.

أما لناحية العلاقة التي تربط بين اللجان الفرعية لمجلس الإدارة وفروع البلدية، فهي لا تختلف قطعياً عن العلاقة التي تربط بين المجلس البلدي والجهاز التنفيذي لبلدية الكويت من حيث توزيع الاختصاصات أو من حيث أساليب العمل ومضامينه. فوفق المادة (24) من قانون البلدية فان مدير عام البلدية هو رئيس الجهاز التنفيذي ويعاونه عدد من المساعدين وهو المسئول عن تنفيذ قرارات المجلس البلدي، وبالتالي فان أي أمر يتعلق بالشئون البلدية في المحافظات تتولى اللجان الفرعية نقله مع الملابسات والتوصيات المتعلقة به إلى المجلس البلدي ليتخذ القرار المناسب بشأنه، وفي هذه المرحلة يبرز دور فروع البلدية في المحافظات لتنفيذ هذه القرارات تحت رقابة ومسئولية مدير عام البلدية والجهاز التنفيذي التابع له.


إلا أن دور فروع البلدية لا يعتبر بشكل دائم لاحقاً على عمل اللجان الفرعية للمجلس البلدي في المحافظات، فعملاً بمنطوق الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون البلدية : (( يصدر المجلس البلدي قراراته في الموضوعات المعروضة عليه بعد دراستها من قبل الجهاز التنفيذي)). وبالتالي فان لفروع البلدية التي تعتبر جزءاً أساسياً من الجهاز التنفيذي لبلدية الكويت دوراً هاماً في نقل الصورة الحقيقية للمدير العام لبلدية الكويت والأجهزة المعاونة له في سبيل دراسة أي موضوع متعلق بالحاجات المحلية لسكان المحافظات. هذا دون إغفال دورها الذي قد يكون مهماً جداً في غالب الأحيان عند إعداد وإنجاز الدراسات في المواضيع المطلوب عرضها على المجلس البلدي لتقرير ما يراه مناسباً بشأنها.

وهذا ما ينسجم مع ما ورد في المذكرة التفسيرية لقانون البلدية بخصوص المادة (27) منه حيث نقرأ أن المشرع اخذ في هذه المادة بشكل خاص وفي قانون البلدية بشكل عام بمبدأ فصل مسئوليات وصلاحيات الجهاز التنفيذي للبلدية - ومنها مدير عام البلدية وفروع البلدية في المحافظات- عما يتمتع به المجلس البلدي ولجانه الفرعية بالمحافظات من سلطة تقريرية.
تحديد علاقة السادة المحافظين مع كل من اللجان الفرعية للمجلس البلدي وفروع البلدية في المحافظات
الثابت في أحكام المرسوم رقم (265 المرسوم رقم (265) بشأن نظام المحافظات أن المحافظ هو راس الهرم الإداري في محافظته ويتولى مهام كبيرة واختصاصات واسعة تجعل من هذا المنصب حلقة مهمة عقد تقديم الخدمات العامة المحلية في الحيز الجغرافي التابع له، وذلك على كل الأصعدة الخدماتية، التنموية، التربوية، البيئية، الصحية...

فالمحافظ وفق نص المادة (1) من المرسوم يرأس المحافظة و((يدير شئونها ويمثل السلطة التنفيذية فيها، ويتابع نشاط الأجهزة الحكومية والمرافق العامة في دائرة المحافظة والتنسيق بينها…)).

كما انه يتولى مهمات متنوعة تتمحور بصورة أو بأخرى حول مبدأ تسهيل وتحسين شروط تقديم الخدمات العامة (ومنها الخدمات البلدية) إلى المواطنين وسكان المحافظات، وذلك عبر التنسيق والرقابة والتعاون بينه وبين جميع الأجهزة الرسمية، الحكومية والبلدية في هذا الشأن. فقد حددت المادة رقم (4) من المرسوم رقم (265) بشأن نظام المحافظات اختصاصات المحافظ حيث انه يمثل السلطة التنفيذية بالمحافظة وتناط به مهام عديدة نذكر منها :
- الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة.
- متابعة مشروعات خطة التنمية في دائرة المحافظة.
- متابعة تنفيذ القوانين والأنظمة الإدارية وذلك بما يكفل تحقيق الصالح العام.
- المساهمة في كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الخدمات العامة والتأكد من وصولها إلى مستحقيها.
- متابعة ما يتعلق بسلامة البيئة.
- التعرف على احتياجات المحافظة والعمل على تلبيتها في ضوء مقررات الخطة الخمسية للدولة.
- المساعدة في حل المشكلات لدى المواطنين وإيجاد الحلول المناسبة بالتعاون مع باقي أجهزة الدولة.

الواقع أن الدور الذي يمارسه المحافظ فيما يتعلق بتقديم الخدمات العامة إلى المواطنين على كافة الأصعدة الخدماتية والتنموية ...كثيراً ما يلتقي مع الدور الأساسي الذي وجدت من اجله البلدية وجميع الأجهزة التابعة لها أو التي تمارس نشاط تقديم الخدمات البلدية إلى الجمهور. فمن خلال استعراض سريع لاختصاصات المجلس البلدي التي وردت في نص المادة (12) من القانون رقم (5) لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت يتضح مدى الارتباط والتشابه في الوسيلة والغاية بين عمل المحافظ وعمل الاجهزة البلدية في هذا الشأن.

فمن بين اختصاصات المجلس البلدي، التي تشمل كافة محافظات الكويت، بعض الصلاحيات التي قد تتداخل أو تتكامل مع اختصاصات السادة المحافظين كل فيما يتعلق بمحافظاته، ولاسيما الخاص منها بما يلي :

- مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح المختلفة الخاصة بشئون البلدية في العاصمة وفي كافة محافظات الكويت.
- تقرير ومراقبة المشروعات العمرانية، الصحية، البيئية…
- تقرير إنشاء المدن والقرى والشوارع في مختلف أحياء ومناطق الكويت…
- تنظيم مخططات المناطق واستحداث وتنظيم كافة المناطق السكنية والتجارية والصناعية وغيرها…

فكلا الجهتين وفق ما ورد في صريح النصوص المساقة ، تتولى مهمة مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح المختلفة ومتابعة تنفيذ القوانين والأنظمة الإدارية الخاصة بشئون البلدية في كافة محافظات الكويت وذلك بما يكفل تحقيق الصالح العام ، كما انه من واجبهما التعاون والمساعدة في حل المشكلات التي تعترض المواطنين وإيجاد الحلول المناسبة لها بالتعاون مع باقي أجهزة الدولة المعنية بتقديم الخدمات العامة للجمهور ، ناهيك عن تكامل دورهما في سبيل المساهمة في كل ما من شأنه بالارتقاء بمستوى الخدمات البلدية والتأكد من وصولها لمستحقيها ومتابعة ما يتعلق بسلامة البيئة ومشروعات خطة التنمية العمرانية ، الصحية، البيئية... في دائرة المحافظة .

إلا أن التساؤل الذي يجوز طرحه في هذا الإطار لا يتمحور حول الواجب البديهي الذي يفرض ويفترض تواصل وتعاون المحافظين وأركان العمل البلدي فيما يتعلق باختصاصات كل منهما داخل المحافظة ، وإنما يتمحور حول طبيعة العلاقة التي تربط المحافظ بالمجلس البلدي ولجانه الفرعية في المحافظات ؟

إن الإجابة على هذا التساؤل يستوجب التذكير بالوضع والتوصيف القانونيين لعمل المحافظ ، فالواضح من نصوص المرسوم رقم ( 265 ) بشأن نظام المحافظات أن المحـافظ هو أعلى موظف عام درجةً في محافظته ، وهو بناء على هذا التوصيف يخضع لجميع مكونات الوظيفة العامة بما توفره من حقوق وتفرضه من التزامات ، كما أنه يمثل السلطة التنفيذية في المحافظة .

يستنتج مما سبق أن أي علاقة أو واقع قانوني يربط أو يفصل بين السلطة التنفيذية والمجلس البلدي يجوز إسقاطه على الرابط بين لجان المجلس البلدي في المحافظات والمحافظ . يستدل من هذا أنه لا سلطة للمحافظ مثلاً على الاستقلال الإداري والمالي للمجلس البلدي ولجانه ، كما أنه لا سلطة رئاسية له عليهم حاله حال أي وزير في الحكومة ، جل ما يمكن له أن يتمتع به من صلاحيات في هذا الخصوص هو ما يفوضه إليه وزير الشئون البلدية من اختصاصات قـد يملكها الأول اتجاه المجلس البلدي أو لجانه ، مثال على ذلك كأن يصدر الوزير قراراً يفوض به المحافظ صلاحياته بالتصديق على قرارات وتوصيات المجلس البلدي التي تتعلق بشئون المحافظة التي يرأسها ، هذا المثال الذي يمكن تصوره نظرياً وفق القواعد القانونية المعمول بها في دولة الكويت والتي تسمح للوزير بتفويض الصلاحيات إلى المحافظين لا يمكن تحقيقه عملياً و إلا جردت وزارة الشئون البلدية من ابرز صلاحياتها ، بالإضافة إلى الصعوبات العملية و السياسية التي تحول دون تعاون المجلس البلدي مع كل محافظ على حدة في هذا الشأن.

حقيقة الأمر أن العلاقة التي تربط المجلس البلدي – ولجانه الفرعية – بالمحافظين هي علاقة ترسم حدودها ما تفرضه مقتضيات ومبادئ الوصاية الإدارية التي تمارسها الحكومة وممثليها في المناطق ( المحافظون ) على أجهزة اللامركزية الإدارية ( البلـديات ) والمرفقية ( المؤسسات والهيئات العامة ).

إن هذه الوصاية تختلف في عديد من الأوجه عن السلطة التسلسلية التي يمارسها الرئيس الإداري على مرؤوسيه في الإدارة العامة. ولعل من أبرز ما يميز هاتين الرقابتين أن من يملك سلطة الوصاية لا يملك حق الأمر الإداري إنما سلطة التوجيه والمراقبة لحسن سير العمل في الأجهزة والهيئات التابعة لوصايته بما يضمن وضمن إطار احترام القانون وتحقيق الصالح العام.

هذه الحقيقة القانونية تقودنا إلى القول أن العلاقة التي تربط محافظ العاصمة بمدير عام البلدية مثلاً وتربط المحافظ بمن يرأس فرع البلدية في المحافظات هي أكثر من مجرد وصية إدارية ولقد نذهب لنقول أنها قد تكون في بعض أوجهها سلطة رئاسية.

سندنا في هذا القول أن مدير عام البلدية ومعاونيه في الجهاز التنفيذي للبلدية هم – وعلى عكس أعضاء المجلس البلدي – من قبيل الموظفين العموميين الذين يعينون بمرسوم بناء على ترشيح وزير الشئون البلدية وفق منطوق المادة ( 24 ) من قانون البلدية{ ، وبالتالي فان المحافظ بصفته أعلى موظف إداري وممثل السلطة التنفيذية في محافظته يملك اتجاه موظفي فروع البلدية في المحافظة المعينين نفس الحقوق التي يملكها أي موظف حكومي آخر يعمل ضمن نطاق المحافظة .

وبالتالي فإن فروع البلدية التي تعتبر، كما سبق بيانه، عين ويد المجلس البلدي في المحافظات تخضع بموجب القانون إلى واجب تعاون وتنسيق – حتى لا نقول إلى واجب تبعية- أكبر من المحافظ في كل ما يتعلق بالخدمات البلدية والعامة التي تساهم في رصدها أو تقديمها أو إبداء الرأي والدراسة بشأنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق