هل يصح الصحيح...؟
جمعتني منذ أيام إحدى شبكات التواصل الاجتماعي بصديقي القديم المحامي كمال حجازي، وبعد السؤال التقليدي عن الحال والأحوال... دخلنا -على عادة معظم اللبنانيين- بمتاهة تقييم الوضع اللبناني... وعلى عادة "أهل الرأي" حاول كلّ منّا أن يدلي بدلوه... ويدافع عن وجهة نظره... ويبرر رأيه متمسكاً بحجج قد لا يكون هو نفسه مقتنعاً بها!!!... الى أن انتهى الحديث – ومرة أخرى على عادة اللبنانيين الذين يقفون مستسلمين أمام حقيقة الواقع اللبناني- بعبارات فضفاضة... لا تأخذ من معانيها... الا العجز... والوهن... والقرف... والأمل بتبدد واقع نحاول جميعاً أن نفكك رموز "شيفرته" وسبر أغواره دون جدوى.
أنهى صديقي العزيز الحوار الالكتروني بمقولة "بالنهاية ما بصّح إلا الصحيح..."، فتبسمت وتساءلت بيني وبين نفسي هل هناك "نهاية" أصلاً لما يحدث في لبنان؟ وكنت على وشك سؤاله "هل هناك صحيح في لبنان... كي يصحّ ويصحّينا؟"... الا أن خوفي من تجدد الحوار في ساعة متأخرة من الليل، وحرصي على تعميم "الرأي" حتى لا نقول "تعميم الفائدة" دفعاني الى أن أتوجه بالسؤال الى كل من يقرأني "ما هو الصحيح في لبنان؟"
غريب هذا البلد... كله "جنون" و"فنون"، شعب يأنّ من السياسيين، و"سياسيون" يحاضرون بالشرف!!!، والحقيقة في لبنان أن ليس هناك سياسة ولا من "يسيّسون"، بل شعب... لا بل شعوب "يحزنون"!
أين الصحيح في لبنان؟ في السياسة والأمن والعلاقات الدولية والدستور والإدارة والأخلاق، "الصحيح" وجهة نظر تختلف من شخص لآخر؟
في السياسة : هل "الصحيح" أن "يكزدر" مقاومون "يبيضون" الوجه في الجنوب بقمصانهم "السود" في أزقة بيروت من أجل تشكيل ضغط سياسي؟ أم الصحيح أن ينزل مناصرو رئيس حكومة مستقيلة الى الشارع ليحرقوا ويكسّروا ويقطعوا طرقات بيوتهم، من أجل رفض لعبة ديمقراطية بحتة أطاحت بحكومة هشّة؟
وهل "الصحيح" ما يقوله مناصرو "الثامن من آذار" من أن ميلان كفة الوزير وليد جنبلاط لجانبهم هي عودة للجذور؟ أم الصحيح ما يقوله مؤيدو "الرابع عشر من آذار" من أن ما كشفه مؤخراً نفس الشخص عن وسطية تميزه وعن نية لديه بعدم الاستمرار بتحالفاته الجديدة، هي "الحقيقة" التي تميّز "زعيم المختارة"؟
في العلاقات الدولية : هل "الصحيح" أن ينسب مؤتمراً لمدينة "الطائف" في السعودية تكون الصبغة فيه "أربع عشرية من آذار" حتى قبل حلول هذا التاريخ الشهير؟ أم الصحيح أن يكون "لدوحة" قطر دورها في مؤتمر صبغته آذارية من المقلب الثاني؟ أم الصحيح ألا يكون للبنان ولا لأي مدينة فيه أي مؤتمر أو دور؟
وهل "الصحيح" أن نناصر "ثوار" سوريا على حساب النظام فيها؟ أم الصحيح أن ندعم النظام في البحرين على حساب مواطنيها؟ وهل "الصحيح" أن نوطد علاقات خارجية تساند "خط" المقاومة والصمود؟ أم الصحيح أن يهرول لبنان الى سياسة انفتاح على كافة الدول الشقيقة والصديقة؟
في الأمن : هل "الصحيح" سيصحّ عندما يتحرر آخر شبر محتل من لبنان وتنطلق بعدها المسيرة الى "ما بعد بعد حيفا"؟ أم الصحيح أن لبنان قوي بضعفه ومتميّز بهدوئه ومعتزّ "بمراقد عنزات السواح" في جبله الشامخ؟
وهل "الصحيح" أن تقوم القيامة من أجل ظابط موظف في جهاز أمن المطار، بحجة حماية ظهر المقاومة؟ أم الصحيح ألاّ ينفذ مديراً عاماً تعليمات وزيره ورئيس جمهوريته حرصاً منه على معدات تقنية جاد بها علينا كرم دولة صديقة؟
في الدستور: هل "الصحيح" أن يدعو رئيس مجلس النواب ممثلي الأمة لعقد جلسة تشريعية في ظل حكومة مستقيلة، ويستنكف عن ذلك في ظل حكومة موجودة ولكنها "غير ميثاقية"؟ أم الصحيح أن تلتزم الجمهورية اللبنانية باتفاقيات دولية دون الرجوع الى صاحب الاختصاص بالتوقيع وهو رئيس الجمهورية؟
وهل "الصحيح" أن يصبح تطبيق الدستور وجهة نظر، وأن تصدّع آذان اللبنانيين يومياً باجتهادات وتفسيرات لأحكامه من قبل السياسيين، ويبقى صاحب الاختصاص "المجلس الدستوري" مغفلاً وغافلاً... و"يا غافي... إلك الله!" ؟
في الأخلاق : هل "الصحيح" أن الكلام البذيء لا يتفوه به الا بعض سياسي "الثامن من آذار" الذين بنوا مجدهم الاعلامي على هذا الأسلوب؟ أم الصحيح أن شاشات التلفزة "تطربنا" كل يوم بجوقات الشتائم والحوارات الساخنة من جميع الأطراف؟
وهل "الصحيح" أن تبقى المهاترات في برامج "التوك شو" المسائية "شغّالة" بحجة الحوار الديمقراطي؟ أم الصحيح أن يلتقي "المتهاترون" في كل صباح "مثل السمن والعسل" مبتسمين... متحابيّن... كعشّاق القصائد، وكل ذلك بحجة "أن الخلاف لا يفسد للودّ قضية!""؟
وفي الإدارة : هل "الصحيح" أن بعض قياديي وسياسيي "الثامن من آذار" فاسدين ومرتشين ولديهم القصور والملايين؟ أم الصحيح أن "فيروس" الفساد قد استشرى لدى أركان "الرابع عشر من آذار" كما في معظم الطبقة السياسية اللبنانية؟
"صحّ " النوم يا عزيزي كمال... "الصحيح" الوحيد في لبنان أن ليس هناك أي "صحيح"!!!
مع تحيات مواطن وطني،،،
د./ بلال الصنديد
4/6/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق