الجمعة، 24 يونيو 2011

مسك الختان

مسك "الختان"!...
د . بلال عقل الصنديد

السبت 23 أبريل 2011

لا أنكر أن مشاعري، كما مشاعر معظم الشعب العربي، تحركت انفعالاً وتفاعلاً مع الثورات والتحركات الشعبية التي غزت ميادين معظم دولنا الشقيقة، فالمشهد مهيب ولا يمكن لأي عاقل أن يقف أمامه مكبّل الفكر ومقّيد الوجدان، ولكلّ منّا طريقته بالتفاعل والتعبير.

استليّت قلمي لأشارك الأحرار حريتهم، فسبقني فكري واستذكر خاطرة كنت قد كتبتها في العام 2005 بقيت دفينة الأدراج لأني لم أجد من ينشرها في وقتها لعدة اعتبارات لا مجال لذكرها في هذه العجالة... أيقنت منذ البداية أن ثورات شعبنا صادقة، بصرف النظر عن نتائجها التي نأمل أن تكون على مستوى الدماء الذكية التي سالت طهراً وتطهيراً، فأنبل الثورات وأصدقها... تلك التي تحرر الوجدان، وتطلق الأفكار، وتنتشل الخواطر من سجون الأدراج.

أجمل ما ذكرتنا به هذه الثورات - أو على الأقل أجمل ما نأمل به- أن نبض الشارع ما زال بخير وأن الحكام سيحسبون له، من الآن فصاعداً، ألف حساب، وأبشع ما ذكرتنا به هذه الثورات أن بعض القادة كان جاثماً على قلوبنا وشرفنا وحريتنا لمدد تزيد عن ربع قرن . حقيقة مرة صارت ألماً مزمناً اعتدنا عليه وتآخت معه مضاداتنا الحيوية ومناعتنا الذاتية.

في العام 2005، بثت شاشات التلفزة خبراً "سعيداً" بشرت به الشعوب العربية من محيطها إلى خليجها مفاده أن أحد قاداتنا، بمناسبة ختان (طهور) طفله الرضيع، قام بتحرير سبعة آلاف من السجناء اللذين احتجزتهم قضبان الزنازين عن حق أو أعن سهو أو خطأ !... لست في موضع تقييم الحدث، ولا أسمح لنفسي بذلك، فلكل في هذا الشأن رأيه ورؤيته، ولكن لا أخفي توقفي الملي عنده، إذ تمنيت في وقتها السلامة للإبن المبجل وباركت له دخوله عالم الطهارة والرجولة من أوسع الأبواب، راجياً في نفس الوقت أن تفيض عليه الأيام بفرج وخلاص لا يقلان رونقاً عما قدّمه ب"قطعة" عزيزة منه إلى آلاف البشر...

لا أدري إن كان من سوء حظ الرضيع الصغير أو من حسن حظه أن تقع الاحتفالات بختانه في نفس الشهر الذي يعود فيه "يوم الأسير" كل عام على أمهات الأسرى في فلسطين بكاءً ونواحاً وإصراراًّ على إطلاق أبنائهم من أسر العدو الإسرائيلي؟ فلا حياة لمن تنادي... هذا حال المخاطَبين في العالم حين يتعلق الأمر بحقوق العرب بشكل عام وبحقوق الأسرى منهم على وجه الخصوص.

تمنيت يومها – ولا زلت - أن يتذكر احد من الحكام هؤلاء الأسرى ودموع أمهاتهم ولو في مرة واحدة من حفلات ختان أبنائهم أو أحفادهم. بل ذهب بي الخيال إلى أن تخيّلت مجرم الحرب الذي كان حينها رئيس وزراء اسرائيل ، آرييل شارون ، ربما يجرأ على مثل هذه الخطوة تقرباَ من اصدقائه بعض الحكام العرب ، من "أبناء عمومته" ، فاليهود أيضا كحالنا نحن المسلمون يطهرون أولادهم . لكن عدت واستدركت أن ليس له وليد رضيع كي يحتفل بطهوره وان حبوب وأعشاب الدنيا لن تنفع في استعادة حيويته وفحولته . فاستبعدت الاحتمال كليا لأنه كان - حسب الظاهر- عاجزاً عن الانجــاب من جديد ولأني لم أعد أسمع عن حفلات ختان وتحرير اسرى منذ يومها.

وبقي اسرى فلسطين ، وغيرهم ، ينتظرون لعقود نزول الفرج و"كرم" من يحررهم ، بمناسبة ختان أو بغيرها.. لكن عزاؤهم الآن أنهم عرفوا مؤخراً أنهم لم يكونوا وحدهم سجناء وأن قياداتهم وقيادات اشقائهم لم تكن وحدها عاجزة ، وأن ظلم النفس وظلم ذوي القربى لم يكن يطالهم وحدهم ، وأن الكرامة كانت مهدورة في اكثر من مكان عربي فيما هم مسجونون عقابا لهم على نضالهم لأجل هذه الكرامة التي أزفّ الآن وقت استعادتها . فطالما أن رياح الحرية قد عمّت الوطن العربي ، لا تعود هناك حاجة ومعجزات ولا تنفع المسكنات والشعارات بعد الآن ، أكان لأجل فلسطين أو لغيرها . وذلك مسك الختام لا "الختان". هذا ما نأمله على الأقل.

مع تحيات عربي عربي

اشكالية توزير المرأة الكويتية 2005

الوقائع والإشكالية الدستورية


على أثر الإنجاز التاريخي الذي بمقتضاه عدل مجلس الأمة الكويتي المادة الأولى(1) من قانون الانتخاب رقم 35/1962 لصالح إعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية من خلال مساواتها بالرجل في حقي الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الأمة، صار من الممكن والأمر كذلك تنصيب المرأة في المواقع السياسية التي كانت ممنوعة عليها قبل التعديل لا سيما في المجلس البلدي وفي مجلس الوزراء.
ذهبت الحكومة الكويتية في هذا الاتجاه وعينت في المجلس البلدي شخصيتين نسائيتين وأتبعت خطوتها هذه بإنجاز تاريخي آخر فعينت بتاريخ 12/6/2005 أول وزيرة كويتية(2) .
أثارت هذه الخطوة إشكالية دستورية لناحية تفسير نص المادة (125) من الدستور الكويتي معطوفة على نص المادة (82) منه(3) . بمقتضى هذين النصين يشترط على كل من عضو مجلس الأمة والوزير أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب.
لقد أدى التفسير الحرفي الذي اتبعه البعض لهذا النص إلى اعتبار توزير المرأة الكويتية، مخالفة للدستور باعتبار أن من بين الشروط التي يجب أن يتمتع بها الناخب ليمارس حقه بالانتخاب هو تسجيل اسمه بالجداول الانتخابية. و حيث أنه، لحين تعيين أول وزيرة كويتية، لم تسجل بعد أي امرأة كويتية في جداول الانتخابات مما يرتب، وفق هذا المنطق، عدم جواز توزيرها دستورياً كونها لم تحصل على كامل شروط الناخب


وجهة نظر في المسألة


مع تقديرنا المطلق للمتمسكين بمثل هذا التفسير الحرفي لنصوص الدستور الكويتي، فان هذا الرأي الدستوري مردود عليه من أكثر من اتجاه نحاول اختصارها قدر الإمكان فيما يلي :
1- المبدأ في تفسير النصوص القانونية والدستورية وفق ما اتفق عليه علماء الأصول والفقه القانوني أن تفسير النص يجب أن يتجه " نحو الإعمال وليس نحو الإهمال " .. وعليه يجب قدر المستطاع التوجه نحو تفسير النص بروحية الاستفادة من أحكامه وليس نحو التركيز على موانعه... وهذا المنطق ينطبق بطبيعة الحال و دون أي جدال على القيد الدستوري الذي يفرض على الوزير "أن تتوافر فيه شروط الناخب".



الواقع إن إعمال هذا النص لا يكون إلا بالتفريق بين نوعين من الشروط الواجب توافرها في الناخب :


• الشروط الموضوعية :

وهي الشروط التي تكسب "حق الانتخاب" وبالتالي حق الترشيح ومنها مثلاً حسب نص المادة (82) من الدستور " أن يكون كويتي " و" أن يجيد القراءة والكتابة "، وحسب المادة (2) من قانون رقم 35/62 في شأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة " أن لا يحكم عليه بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة ".


• الشروط الشكلية :

وهي الشروط التي يجب أن تتوفر ليتمكن الناخب من ممارسة حقه بالانتخاب وليس لكسب هذا الحق. ويعتبر القيد في الجداول الانتخابية من ضمن هذه الشروط، إذ من الممكن أن يكون الإنسان مسجلا على لوائح القيد لكن يحرم من حقه في الانتخاب لأسباب موضوعية أخرى ومنها مثلا، حسب المادة (2) من قانون الانتخاب، ارتكابه لجريمة مخلة بالشرف.
وعليه فإن مجرد توفر الشروط الموضوعية كلها في المرأة الكويتية يكسبها الأمر حق الانتخاب ويبقى أمر تسجيلها في الجداول الانتخابية إجراءا شكليا ضروريا لممارسة هذا الحق ...

2- وفي هذا السياق فإننا نرى أن المشرع الكويتي فرق في قانون الانتخاب 35/62 بين كل من الناخب والمرشح لناحية اشتراط التقييد في جدول الانتخاب لكل منهما : فنص صراحة في المادة (19) على أنه " يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة أن يكون اسمه مدرجا في أحد جداول الانتخاب" وهنا القيد يعتبر شرطاً جوهرياً وليس شكليا إذ أن القيد في الجداول يجب أن يسبق الترشيح بينما في نص المادة (17) من نفس القانون يعتبر القيد في جدول الانتخاب من قبيل الشروط الشكلية التي تلحق اكتساب حق الانتخاب وتمكن الناخب من ممارسته له . يستدل ذلك من قول المشرع في المادة (17) أنه : "لا يجوز لأحد الاشتراك (في الانتخاب) ما لم يكن اسمه مقيدا في الجداول..."

وبالتالي فإن شرط القيد في جداول الانتخاب هو ضروري للاشتراك في الانتخاب وليس لكسب حق التصويت...

3- في نفس الإطار وأثناء مناقشة المادة (82) من الدستور في جلسة 10/7/1962 للمجلس التأسيسي ولجنة الدستور برز في محضر الاجتماع كلام مهم تم فيه التفريق بين الشروط التي يجب أن تتوافر بالمواطن الكويتي ليكتسب حق الانتخاب وبين الإجراء الشكلي الذي يفرض وجود اسمه في جداول الانتخاب لممارسة حقه الانتخابي.

فقد ورد ، أثناء المناقشات، على لسان احد الخبراء الدستوريين تعليقاً على النص الذي كان مقترحاً للفقرة (ب) من المادة (82)(4) أن (( هذه الفقرة قد توجد بعض الصعوبة في الكويت عند تعيين الوزراء أو نائب الأمير حيث تطبق هذه المادة في الحالتين، الوزراء أو نائب الأمير، وقد يكونون من الأسرة المالكة التي لا يشترك أعضاؤها في الانتخابات ومعاركها ولا يحق لهم الترشيح للانتخاب، ومن ثم لا يهتمون بقيد أسمائهم في جدول الانتخاب، فيخشى أن يظهر ذلك كعقبة مفاجئة عند اختيار أحدهم وزيرا أو نائب أمير، ولذلك عدلت تعديلا بسيطا في البند (ب) من المادة بحيث يشترط أن تتوفر فيهم شروط الناخب دون إلزامهم بأن يقيدوا أسماءهم بجداول الانتخاب، وعليه يصبح نص الفقرة (ب) المذكورة كالآتي : " أن تتوفر فيه شروط الناخب" )).

4- يضاف إلى ذلك أنه من القواعد القانونية الأساسية في التدرج التشريعي أن " المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً"، فلا يوجد أحد من القانونيين يناقش فكرة وجود عرف دستوري يتبع ويصبح له قوة قانونية مماثلة لنص الدستور. ومن الأعراف الدستورية المعتمدة في دولة الكويت، توزير أشخاص من الأسرة الحاكمة دون إدراجهم في الجداول الانتخابية. وهذا ما أكده وزير الخارجية الكويتي في تصريح لــه نشر في صحف يوم 13/6/2005 .

يستنتج مما سبق أن عادة توزير أشخاص في الحكومة الكويتية ارتقت إلى كونها عرفا دستوريا يجوز إتباعه و القياس عليه عند توزير أي مواطن كويتي (ذكر أو أنثى) سواء أكان من الاسرة الحاكمة أم لم يكن .

5- في نفس الاتجاه وحسب الرؤية الحديثة للقضاء الدستوري في العالم عند تفسير أي نص دستوري وبعكس المدارس التقليدية والتاريخية "يطالب أنصار نظرية العلم والصياغة المفسر بالتعرف على الواقع وحاجاته ومقتضياته حسبما تنبئ عنه المشاهدة والتجربة، وفرض ما هو واجب في شأن ذلك الواقع حسبما يمليه العقل من مثل عليا وغايات بعيدة" .(5)

هذا ما اعتمدته المحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية حين اعتبرت أن "تفسير النصوص الدستورية لا يجوز النظر إليها بما يبتعد بها عن غايتها النهائية ولا بوصفها هائمة في الفراغ أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، وإنما يتعين دوما أن تحمل مقاصدها بمراعاة أن الدستور وثيقة تقدمية لا ترتد مفاهيمها إلى حقبة ماضية وإنما تمثل القواعد التي يقوم عليها والتي صاغتها الإرادة الشعبية، انطلاقا إلى تغيير لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة" .(6)

يستدل مما سبق انه لا يجوز العودة بتفسير النص موضوع الخلاف إلى الحقبة التي سبقت الإنجاز التاريخي بإعطاء المرأة الكويتية حقها بالانتخاب و الترشح، بل يجب التوجه في إعماله نحو تفعيله وتعزيزه بتوزير المرأة انسجاماً مع المتطلبات الديمقراطية ومبادئ العدالة و المساواة ومع الواقع السياسي العالمي الذي يصر على هذا التوجه. هذا ما أبرزه أكثر من مرة سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي في تصريحات عديدة مفادها أن "توزير المرأة أمر مبتوت به وغير مخالف للدستور"، تماشياً مع كثير من المعطيات السياسية، الدستورية و القانونية و التي تعتبر أكثر واقعية من تفسير النص على خلاف الواقع الحقيقي الذي ارتضاه ممثلو الأمة الكويتية حين أعطوا المرأة حقوقها السياسية .

لا يجوز الاستدلال من كلامنا هذا أنه يجوز مخالفة القانون أو الدستور في سبيل إرضاء التوجهات السياسية بل ما أردنا قوله أنه طالما يجوز، كما أسلفنا، تفسير النص الدستوري الغامض على أكثر من محمل، يجب و الحال كذلك الأخذ بالتفسير الذي يعمله انسجاما مع واقع الحال، خاصة أن أمر إدراج المرأة على جداول الانتخاب هو أمر إجرائي غير معقد يصبح جاهزاً في أي لحظة ينتهي فيها العمل التقني لإنجازه. فما فائدة انتظار إدراج المرأة على جداول الانتخاب حتى يتم توزيرها ؟ وما هي الخطورة العملية في توزيرها قبل ذلك ؟ .

نخلص إلى القول بأن توزير المرأة الكويتية قبل إدراج إسمها في جداول الانتخاب هو أمر جائز دستورياً وقانونياً ويخدم كل المعطيات الواقعية السياسية والديمقراطية

في رثاء الدكتور نبيل الخطيب

في الليلة الظلماء... " في رحيل الدكتور نبيل الخطيب" 2011-05-09





مرة أخرى... مرّات ومرّات مع الدكتور نبيل الخطيب... الاستثنائي، الحبيب، المعلم، الكبير، المتواضع، الكريم، المحب... الى ما هنالك من شيم... تصل الى مدى حقيقة لا يختزنها داخله إلاّ قلة من البشر.

في اللحظة التي حاولت فيها أن ألملم أفكاري وأتغلب على مشاعري لأكتب اليك يا حبيب، فاجأني حفيدك "نبيل" بتلاوة سورة من القرآن الكريم وهو جاهل للحقيقة الصعبة... يستذكر ابن السبع سنوات كلام الله الذي بدأ بحفظه... دون أن يعرف أن من أحبه أكثر من أي شيئ في الكون... قد رحل بجسده وقد انقطع إلا عن ثلاث، عمله وصدقة جارية وولد أو حفيد يدعو له ويتلو لروحه القرآن.

هذا هو قدر الله عزّ وجلّ... نسلّم به ونؤمن بحكمه وبحكمته... ولا نعترض... وكأن الله سبحانه، ألهم "النبيل" الحفيد أن يتلو ما تيّسر لصغر سنه من القرآن العظيم... مهداة لروح الجد "النبيل" وعرفاناً بفضله! وكأني بولدي يقول لجده... يا حبيب... الآن عرفنا حقيقة... أن البدر يفتقد حقاً... وأن في ظلمة الحياة نحتاجك دوماً بدراً يضيئ طريقنا... يصوّب مسارنا... يشعّ علينا بكرم نوره وصدق محبته ونبل شيمه... ونشتاق الى بهاء طلته ما حيينا....

*** *** *** ***

علّمتنا يا "نبيل" في غيابك مثلما علمتنا في حياتك...علمتنا يا حبيب حقاً... كيف يفتقد البدر في الليلة الظلماء...

وعلّمتنا يا أعز الناس، أن فقدان استثنائي أكثر مرارة من فقدان مجرد عزيز أو قريب أو غالي...

استثنائي في وجودك واستثنائي عند الغياب... شامخ في حياتك كأنك العزّ... وفي مماتك واقف كأنك الأرز...

كبير في المشوار الجليل... وكبير عند الرحيل... جمعت الأحبة في ربوع قلبك الكبير... وجمعتهم عندك في الوداع الأخير...

لا نميّز في الجموع التي شيّعتك قريباً أو بعيداً...نسيباً أو صديقاً... كويتياً أو لبنانياً... الكل يبكيك "لغاية في نفسه"... من يفتقد احسانك بكاك... ومن يفتقد مشورتك بكاك... ومن يفتقد حبك بكاك... ومن يفتقد علمك بكاك... ومن يفتقد حضنك وحنوّك وهدوئك ورسالتك وقيمك ورقّتك بكاك... ومن يفتقدك صديق عمر ومن يفتقدك شخصية متميزة... ومن يفتقدك "انساناً" بكل المعاني... ومن... ومن... الكل...الكل بكاك... ويبكيك...

علّمتنا... يا " نبيل" أن محبة الناس... لا تشترى بمال... بل تزرع على مرّ السنين لتجنى بعد ربيع العمر...

*** *** *** ***

استميحك العذر أنني أكتب عنك وأنني أكتب لك... أستميحك العذر لأني أخالف تواضعك الذي منعك طوال حياتك بأن تحدّث بما أنت عليه أو يتحدث أحد بذلك... وقد آن للستار أن يرفع - ولو جزئياً- عمّن كرّس حياته كلها لعمله ولعائلته ولبيته.

لقد كنت يا "نبيل" في كل حياتك، وفي كل تصرفاتك، وفي كل مبادئك...إسماً على مسمّى...

اخلاصك في عملك طوال الـستة والثلاثين سنة التي قضيتها في خدمة الأمانة العامة لمجلس الوزراء الكويتي، مثال يحتذى به... سرّك عميق، كأنك الصندوق "الأبيض"... وعملك متقن، كأنك الاتقان بذاته... الكويت كانت حبّك ولبنان كان شغفك... لن استرسل في القول حتى لا أفصح عمّا لم ترض البوح به طوال عمرك... ولكنّ والله في القلب غصة لن أستريح من مرارتها، الا حين يعرف الكون بأسره... كم كنت متواضعاً رغم ما عملته وأنجزته، وكم كنت عظيماً حينما غلب صمت حكمتك على بوح انجازاتك...

آخر ما كتبت عند الواحدة فجراً... قبل الرحيل بيوم... ستتشرف به شاشات التلفزة عمّا قريب... ويبقى عملك وصدى كلامك الطيب... في ظهر الغيب... أجره عند الله عزّ مقامه... وطيب أثره في قلوب المحبّين... الذين يعرفون والذين لا يعرفون... ما كنت تعمل بصمت ومن خلف الكواليس...

الكلام عن عملك... أكبر بكثير... من أن تحتويه أسطر... وأعظم بكثير... من أن أجرؤ أن أزيح الستار عمّا أعرفه منه بالصدفة.

عائلتك الصغيرة... تفتقدك كما تفتقدك عائلتك الكبيرة من الزملاء والأصدقاء والرفاق...

"ايمان" زوجتك، بمعاني اسمها تستعين على تحمّل الغياب وهول المصاب... "رولا، رشا وريم" بناتك لا يستطعن التصديق بأن من كرّس حياته لرضاهن، قد استودعهن الله بالخير والحب والرضى... " بلال، هشام ووسام" أصهرتك حمّلتهم حباً لك في قلبهم أكبر من أن يصدّقه بشري... "نبيل، أحمد، دانة، ليا" أحفادك... أترك للدمعة التي في عيني وللغصة التي في قلبي أن تعبّر عن فقدانهم لك، وتعلقهم بك، وفخرهم بأنك كنت ولا زلت وستبقى جدّهم وكبيرهم وقدوتهم في الحياة...

حارس المنزل والفتيات اللواتي يعملن فيه، النجّار، الكهربائي، العمّال... كل من تشرّف بخدمتك أو تشرّف بالعمل في بيتك أو معك، ركع مقبّلاً ونزف باكياً أمام جسدك الطاهر المسجّى، لأنك في حياتك لم ترض لهم يوماً أن يركعوا أو أن ينزفوا أو أن يستجدوا العمل أو الأجر،،، الكل يشهد انك كنت تعطي العامل أجره قبل حتى أن يعمل، وليس فقط قبل ان يجفّ عرقه.

كل من عمل في دارتك "دارة وردة" الشامخة بحسّك وباسمك وبكل ما اعطيتها من حبّ وشغف، حدّثنا بعد غيابك، بما نحن نعرفه حتى لو لم نراه... حدّثنا كم كنت متواضعاً وكم كنت حنوناً وكم كنت كريماً وكم كنت رائعاً في العطاء وفي الجزاء... وكم كنت كبيراً في تجاوزك عن أخطائهم التي قد تكون كبيرة وخطيرة في بعض الأحيان، وكأنك في كل ذلك تعيش عيشة المؤمن الذي يعفو عند المقدرة وتموت ميتة المؤمن الذي يستأهل المغفرة...

أصدقاؤك، لا بل أخوانك من الكويت، " بو عبد الله، بو ناصر، بو محمد، بو سليمان، بو صلاح..." تركوا الأهل والعمل وتفاصيل حياتهم اليومية، ليحضروا الوداع الأخير، ويبقوا الى جانب العائلة الصغيرة يشدّون أزرها ويذّكرونها بأن قدر الله لا مفر منه، ولكنهم والله كانوا بحاجة لمن يشد أزرهم، فالغياب صعب عليهم كما هو علينا، والفراق مرير عليهم كما هو علينا، وأنت عزيز عليهم كما أنت عزيز علينا... ولكن " انّا لله وانّا اليه راجعون" سلمنا بقضاء الله وقدره...

أكرر القول... استثنائي في حياتك واستثنائي في مماتك... ودّعت الأهل والأصحاب والخلاّن قبل وفاتك... وهيّأت دارتك لاستقبال الوفود الشعبية والرسمية التي زارتك مودّعة... فالذي يعرفك جيداً، يعرف أنك لا ترضى الا الشموخ والعزة والكبر... في حياتك وعند الرحيل...

رحمك الله... رحمك الله... رحمك الله... على قدر ما أحسنت في السرّ وأعطيت في الظل وأحببت في العلن...، الكلام فيك كثير، والكلام عنك أكثر... لكن الصفحات لا تسع والقلب لا يقوى... والدموع لا تجف...

"حبيبي"... رحمك الله

لا ابيض لا اسود

لا أبيض، لا أسود!!!
بقلم: د. بلال عقل الصنديد 2010-06-14
(لا أبيض، لا أسود!) هو عنوان المقال الذي نشرته في جريدة السياسة الكويتية بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون أول 2006، وكنت وقتها -ومازلت- مستاء من كيفية إدارة الأمور في لبنان، فاستذكرت ماضي وطننا الحبيب وتاريخ أزماته وحروبه التي تنتهي بنفس النتيجة : لا أبيض، ولا أسود.
وها أنا اليوم استذكر نفس التعبير، عند البحث في الامتناع اللبناني عن التصويت في مجلس الأمن على العقوبات الدولية التي فرضت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أمام هذه الرمادية في الموقف الذي لا أناقش الآن صوابيته من عدمها، رأيت مناسباً استعادة ما كتبته في عام 2006 لأنه ما زال صالحاً في العام 2010 ويبدو انه سيبقى صالحاً في لبنان طالما أن سياسيينا يديرون أمورنا كما تدار السيارة بالمقود، حتى لا نستعمل تعبيراً آخر أقل لياقة بحقي وحق الشعب الذي أفتخر بانتمائي إليه.
وفي ما يلي نص ما كتبته في العام 2006 حرفياً :
في ختام جولة توفيقية بين الحكومة والمعارضة اللبنانية، صرح أمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى بأن نتيجة جولته ولدت لديه انطباع "التشاؤل"، ذلك الشعور الذي يحتل المنطقة الرمادية بين "اسود" التشاؤم و "ابيض" التفاؤل.
بغض النظر عن رأينا بالأزمة الحالية وبمسؤولية كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية عنها، وبصرف النظر عن قناعتنا الراسخة بصعوبة نجاح أي محاولة أو مبادرة توفيقية من غير "تعريبها" و/ أو "تغريبها"، يبدو واضحاً أن الحالة اللبنانية - حتى لا نقول الآفة اللبنانية - تصيب بالعدوى كل من يحتك بها أو يلامس تعقيداتها حتى ولو كان على رأس أعلى المؤسسات العربية…
فكل ما في لبنان يولد أو ينتهي على شاكلة الشعور "بالتشاؤل" : رمادي اللون، لا ابيض و لا اسود!!!
حروب هذا البلد وأزماته تنتهي بشعار "لا غالب ولا مغلوب"… والمواطنية فيه تحكمها إرادة "العيش المشترك" التي " يجب" أن يلتقي بأحضانها من يرى انه حفيد الفينيقيين مع من يجد نفسه سليل الخلفاء الراشدين… ناهيك عن أن الأحزاب اللبنانية تلتقي - من غير أن تعرف لماذا وعلى ماذا تم لقاؤها- رغم وجودها الإيديولوجي على أطراف التناقضات… كما أن حصة الأقلية البرلمانية في الحكومات اللبنانية لا تعرفها إذا كانت "ضامنة" أم "معطلة" أم "مشاركة"… والطاولات المستديرة "تتحاور" و "تتشاور" في المنطقة الوسطى سياسياً وفي "وسط المدينة" جغرافياً، رغم وجود مؤسسات دستورية من المفترض أنها تمثل كل اللبنانيين… و لم يبقى لهذه "الخصوصية" اللبنانية إلا أن تبتدع، كحل مقترح للأزمة الراهنة، فكرة دستورية وسياسية غير مسبوقة و هي "الوزير الملك" أو وزير الوسط …
= لقد انتهت الحرب الأهلية اللبنانية بتوافق مفروض على أن يخرج منها كل الأطراف لا غالب و لا مغلوب. نتيجة لهذه البدعة شعر الكل - بلا أي استثناء - انهم منتصرون… فلم يجدوا أمام زهو انتصاراتهم إلا ضعف الوطن ; فتقاسموا غنائمهم من خيراته و اخذوا بقايا الشرفاء من مواطنيه سبايا يمارسون عليهم أبشع وسائل القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي… ألم يكن أجدى من كل ذلك أن ينتصر الأقوى إذا كان على حق أو يخسر الكل إذا كانوا على الباطل… فينتصر الوطن وحده ؟!
= لم ندرك نحن اللبنانيون، إلى يومنا هذا، أن الذي يدخلنا في حروب وأزمات متكررة -وان سميت عن حق حروب الآخرين على أرضنا- هو انتماؤنا لكل شيء إلا للبنان. "فلبناننا" غير "لبنانهم"… ولكل منا مواطنية هي ابعد ما تكون عن واجب الانتماء لوطن وليس لأرض تتصارع على ميادينها مصالح الدول حيث نكون نحن، برضانا، آتون نارها و حطب لهيبها. "العيش المشترك" لا يكون إلا بين أعداء اتفقوا، صوناً لمصالحهم المختلفة، أن "يشتركوا" و ليس أن "يتشاركوا" في تقاسم أسباب العيش درءا للموت الحتمي… فعيش مفروض خير من موت جماعي… أهكذا تبنى الأوطان ؟!
= الأغرب من كل ذلك أضحوكة الأحزاب في هذا البلد : فاليمينية منها ابعد ما تكون عن قيم المجتمع وتقاليده، أما اليسارية والاشتراكية فيتزعمها الأثرياء، والتيارات العلمانية ينادي أصحابها بمناصب طائفية، والجماعات الدينية تدخل في توازنات تناقض في كثير من الأحيان ضوابط التعاليم السامية… بالأمس متحاربون واليوم متحالفون، وهذا طبعاً من اجل الوطن!!!… متناحرون في الفكر والعقيدة و متفاهمون كيداً للآخرين، و هذا أيضاً من أجل الوطن ؟؟؟ حرام عليكم… ما فعلتم بالوطن.
= أما الدستور اللبناني فحاله كحال الوطن، هيبته مفقودة وبنوده مستباحة لصالح "تعابير ميثاقية"، رمادية اللون، وسطية التوجه، تخدر العواطف ولا تعالج الهواجس… فالصراع على موقعنا وعلى موقفنا من الأمة العربية ترجمته، منذ زمن، عبارات وسطية في صياغتها، غامضة في مضامينها. فهل لبنان "ذو الوجه العربي" أو لبنان "عربي الانتماء والهوية" هو نفسه لبنان "العربي" الصرف؟ أم أن كل ما في هذه العبارات هو مجرد كلام حق قد يراد به باطل ؟؟؟
= بنود الدستور، الكل يستبيح مكانتها فيقرأها كما يطيب له -وليس كما يجب- أن تقرأ. فهل ألزم الدستور وجود حصة للأقلية البرلمانية عند تشكيل الحكومات اللبنانية؟ وهل هذه الحصة، في حال وجودها، هي "ضامنة" لوجود المعارضة السياسي أم هي حصة تؤمن لها "مشاركة" في إدارة شؤون البلاد والعباد…أم أنها "معطلة" لعمل الأكثرية أم هي في الأساس "عاطلة" عن العمل وفي أدبيات السياسة؟ حين نجد الإجابة على هذه التساؤلات نجد لبنان معافى بدستوره وبمقوماته.
= ومن جديد، كما في كل مرة… تتناحر الأطراف اللبنانية وتتصارع على السلطة انطلاقاً من رؤى متناقضة للبنان… محاولات الخروج من هذه الأزمة، كما في كل مرة أيضاً، لا تكون داخل أروقة المؤسسات الدستورية إنما على طاولات "حوار و تشاور" تمدد اجل الانفجار وتؤخر الانزلاق المعهود بالأزمة إلى الشارع.
= ومن ابرز ما هو رمادي اللون هو ذلك الابتكار اللبناني الذي يتم تداوله في هذه الفترة، كحل للخروج من الأزمة، ومفاده وجود "وزير ملك" داخل الحكومة يكون وسطاً بين الموالاة والمعارضة، لا ينحاز لأي منهم ولا يصوت لصالح أي من الأطراف. فهو كاسمه "ملك يملك ولا يحكم"، وجوده مرضاة لمتطلبات الوفاق و الحضور اللاابيض و اللااسود، ليس له أي ثقل إلا ثقل الحضور و الوجود اللا دستوري.
فهل نستغرب بعد كل ذلك ألا يصاب عمرو موسى بعدوى "التشاؤل" و الرمادية ؟!
صحيح أن لبنان كان و ما زال كطائر الفينيق يقوم دوماً من تحت رماده، و لكن المشكلة انه من كثرة ما قام من بين الرماد صار لونه رمادي...نتركه يحترق لنتغنى بقيامته في كل مرة... ننظم له الأشعار و هو يحتاج لنا وليس لشعرنا... نلتهي بالعبث السياسي وبضوضاء الشارع ولا ندرك أن الوطن الذي يجمعنا صمّت أذناه من صخبنا...آن لنا نحن الموالون للحكومة والمعارضون لها، أن يكون ولاؤنا للبنان و ليس "للبناننا" أو "للبنانهم"...وليس لأي عقيدة أو تيار أو مذهب أو دولة ... للبنان فقط...
"يا شعب لبنان العظيم"، "أيها الشرفاء"، " أيها السياديين الجدد" أوحتى "القدامى"، حذارى، فلبنان "الأخضر" يحترق، لونه صار بلون رماده : "لا ابيض ولا اسود"

هل يصح الصحيح؟؟؟ منشور على http://www.ikliminfo.com/viewarticle2.php?id=102


هل يصح الصحيح...؟



جمعتني منذ أيام إحدى شبكات التواصل الاجتماعي بصديقي القديم المحامي كمال حجازي، وبعد السؤال التقليدي عن الحال والأحوال... دخلنا -على عادة معظم اللبنانيين- بمتاهة تقييم الوضع اللبناني... وعلى عادة "أهل الرأي" حاول كلّ منّا أن يدلي بدلوه... ويدافع عن وجهة نظره... ويبرر رأيه متمسكاً بحجج قد لا يكون هو نفسه مقتنعاً بها!!!... الى أن انتهى الحديث – ومرة أخرى على عادة اللبنانيين الذين يقفون مستسلمين أمام حقيقة الواقع اللبناني- بعبارات فضفاضة... لا تأخذ من معانيها... الا العجز... والوهن... والقرف... والأمل بتبدد واقع نحاول جميعاً أن نفكك رموز "شيفرته" وسبر أغواره دون جدوى.

أنهى صديقي العزيز الحوار الالكتروني بمقولة "بالنهاية ما بصّح إلا الصحيح..."، فتبسمت وتساءلت بيني وبين نفسي هل هناك "نهاية" أصلاً لما يحدث في لبنان؟ وكنت على وشك سؤاله "هل هناك صحيح في لبنان... كي يصحّ ويصحّينا؟"... الا أن خوفي من تجدد الحوار في ساعة متأخرة من الليل، وحرصي على تعميم "الرأي" حتى لا نقول "تعميم الفائدة" دفعاني الى أن أتوجه بالسؤال الى كل من يقرأني "ما هو الصحيح في لبنان؟"

غريب هذا البلد... كله "جنون" و"فنون"، شعب يأنّ من السياسيين، و"سياسيون" يحاضرون بالشرف!!!، والحقيقة في لبنان أن ليس هناك سياسة ولا من "يسيّسون"، بل شعب... لا بل شعوب "يحزنون"!

أين الصحيح في لبنان؟ في السياسة والأمن والعلاقات الدولية والدستور والإدارة والأخلاق، "الصحيح" وجهة نظر تختلف من شخص لآخر؟

في السياسة : هل "الصحيح" أن "يكزدر" مقاومون "يبيضون" الوجه في الجنوب بقمصانهم "السود" في أزقة بيروت من أجل تشكيل ضغط سياسي؟ أم الصحيح أن ينزل مناصرو رئيس حكومة مستقيلة الى الشارع ليحرقوا ويكسّروا ويقطعوا طرقات بيوتهم، من أجل رفض لعبة ديمقراطية بحتة أطاحت بحكومة هشّة؟

وهل "الصحيح" ما يقوله مناصرو "الثامن من آذار" من أن ميلان كفة الوزير وليد جنبلاط لجانبهم هي عودة للجذور؟ أم الصحيح ما يقوله مؤيدو "الرابع عشر من آذار" من أن ما كشفه مؤخراً نفس الشخص عن وسطية تميزه وعن نية لديه بعدم الاستمرار بتحالفاته الجديدة، هي "الحقيقة" التي تميّز "زعيم المختارة"؟

في العلاقات الدولية : هل "الصحيح" أن ينسب مؤتمراً لمدينة "الطائف" في السعودية تكون الصبغة فيه "أربع عشرية من آذار" حتى قبل حلول هذا التاريخ الشهير؟ أم الصحيح أن يكون "لدوحة" قطر دورها في مؤتمر صبغته آذارية من المقلب الثاني؟ أم الصحيح ألا يكون للبنان ولا لأي مدينة فيه أي مؤتمر أو دور؟

وهل "الصحيح" أن نناصر "ثوار" سوريا على حساب النظام فيها؟ أم الصحيح أن ندعم النظام في البحرين على حساب مواطنيها؟ وهل "الصحيح" أن نوطد علاقات خارجية تساند "خط" المقاومة والصمود؟ أم الصحيح أن يهرول لبنان الى سياسة انفتاح على كافة الدول الشقيقة والصديقة؟

في الأمن : هل "الصحيح" سيصحّ عندما يتحرر آخر شبر محتل من لبنان وتنطلق بعدها المسيرة الى "ما بعد بعد حيفا"؟ أم الصحيح أن لبنان قوي بضعفه ومتميّز بهدوئه ومعتزّ "بمراقد عنزات السواح" في جبله الشامخ؟

وهل "الصحيح" أن تقوم القيامة من أجل ظابط موظف في جهاز أمن المطار، بحجة حماية ظهر المقاومة؟ أم الصحيح ألاّ ينفذ مديراً عاماً تعليمات وزيره ورئيس جمهوريته حرصاً منه على معدات تقنية جاد بها علينا كرم دولة صديقة؟

في الدستور: هل "الصحيح" أن يدعو رئيس مجلس النواب ممثلي الأمة لعقد جلسة تشريعية في ظل حكومة مستقيلة، ويستنكف عن ذلك في ظل حكومة موجودة ولكنها "غير ميثاقية"؟ أم الصحيح أن تلتزم الجمهورية اللبنانية باتفاقيات دولية دون الرجوع الى صاحب الاختصاص بالتوقيع وهو رئيس الجمهورية؟

وهل "الصحيح" أن يصبح تطبيق الدستور وجهة نظر، وأن تصدّع آذان اللبنانيين يومياً باجتهادات وتفسيرات لأحكامه من قبل السياسيين، ويبقى صاحب الاختصاص "المجلس الدستوري" مغفلاً وغافلاً... و"يا غافي... إلك الله!" ؟

في الأخلاق : هل "الصحيح" أن الكلام البذيء لا يتفوه به الا بعض سياسي "الثامن من آذار" الذين بنوا مجدهم الاعلامي على هذا الأسلوب؟ أم الصحيح أن شاشات التلفزة "تطربنا" كل يوم بجوقات الشتائم والحوارات الساخنة من جميع الأطراف؟

وهل "الصحيح" أن تبقى المهاترات في برامج "التوك شو" المسائية "شغّالة" بحجة الحوار الديمقراطي؟ أم الصحيح أن يلتقي "المتهاترون" في كل صباح "مثل السمن والعسل" مبتسمين... متحابيّن... كعشّاق القصائد، وكل ذلك بحجة "أن الخلاف لا يفسد للودّ قضية!""؟

وفي الإدارة : هل "الصحيح" أن بعض قياديي وسياسيي "الثامن من آذار" فاسدين ومرتشين ولديهم القصور والملايين؟ أم الصحيح أن "فيروس" الفساد قد استشرى لدى أركان "الرابع عشر من آذار" كما في معظم الطبقة السياسية اللبنانية؟

"صحّ " النوم يا عزيزي كمال... "الصحيح" الوحيد في لبنان أن ليس هناك أي "صحيح"!!!

مع تحيات مواطن وطني،،،



د./ بلال الصنديد

4/6/2011

الجمعة، 17 يونيو 2011

ترحيب

اصدقائي... أردت بهذه المدونة مشاركتكم بعض ما كتبته في كافة المجالات : القانونية، الصحافية، السياسة، الشعر والخواطر

وكلّي سمع لأي ملاحظة او تصويب أو تعليق .... من قبلكم

مشاركتكم تسرني ... ورأيكم يهمني


مع الاعتذار عن أي خطاً غير مقصود.... تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير